أثر نظام القرآن في بيان مقاصد الأسماء والصفات

تكلم العلماء قديما على المناسبات بين الآيات، والمناسبات بين السور يريدون بها -

الروابط وقد روي عن الرازي قوله : -"أكثر لطائف القرآن مودعة في الروابط والترتيبات".

أما علم " النظام " فهو مما قال به العلامة عبد الحميد الفراهي الهندي.

فعلم النظام : لا يظهر التناسب وحده، بل يجعل السورة كلاما واحدا، ويعطيها وحدا نيتها، التي بها صارت سورة كاملة، مستقلة بنفسها ، ذات عمود تجرى إليها أجزاؤها، ويربط الآيات بعضها ببعض، حتى تأخذ كل آية محلها الخاص ، ويتعين من التأويلات المحتملة أرجحها.

فالنظام أعم من المناسبات.

فمن تدبر القران في ضوء النظام، فلا شك أنه لا يخطيء في فهم معانيه، وذلك لأن النظام يبين سمت الكلام ، وينفى عنه تشاكس المعاني ، ويرد الأمور إلى الوحدة ، ويسد أبواب الدخول فيه للأهواء، حتى يجبره أن لا يأخذ إلا بصحيح التأويل، ولا يعتمد إلا عليه. وهو أعظم مطلوب.

وبناء على هذا الأصل كنت أثناء تلاوتي للآيات المتصلة بالاعتقاد، أرى معاني مختلفة عما توارثناه، مما شغل علماءنا السابقين، من اهتمام بالمعاني الجزئية، والتي كثيرا ما تكتفي بموضع الشاهد حسب اهتمام العالم وتخصصه على حين نرى أن فكرة النظام، المراعية للسباق والسياق ، توجه الاهتمام إلى المعاني الكلية الجامعة، والمؤدية إلى المقاصد والغايات. علما بأن هذا الاتجاه ليس خاصا بآيات الاعتقاد وحدها. بل هو مما عمت به البلوى قديما، في معظم كتب التراث.

تحميل الملف