صلة الرَّحِم تآلف اجتماعي وبركة في الأعمار والأرزاق

 

يراد بالأرحام: أقارب الإنسان من جهة أبيه أو أمه، كأعمامه وعماته وأخواله وخالاته وأبنائهم جميعا.

وقد أوجب الإسلام صِلَتهم وبرَّهم وحبَّهم والتعاطف معهم، وحرَّم إيذاءهم ونهى عن مجافاتهم ولو كانوا غير مسلمين، قال الله تعالى: ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ) سورة محمد: ?? – ?? .

وعن أسـماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ قالت: قدِمَتْ أمي وهي مشركـة، راغبة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ـ أي: منتهزة صلح الحديبية واتصال الناس ببعضهم ـ فسألتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أَصِلُها؟. قال: " نعم ".

ولصلة الرحم وسائلُ وصورٌ متنوعة، منها: زيارتُهم في أماكنهم، واستضافتُهم في أماكننا، وبشاشةُ الوجه معهم، وتوقيرُ كبيرهم، والرحمةُ بصغيرهم، والسؤالُ المتتابعُ عنهم ولو بالهاتف، وإصلاحُ ذاتِ بينِهم، والدعاءُ لهم، وإسداءُ النصيحة لهم، ومشاركتُهم في أفراحهم ومناسباتهم، ومواساتُهم في كُرُباتهم وأحزانهم، وعيادةُ مرضاهم، وحضورُ جنائزهـم، والتواصلُ معهم بالكلمة الطيبة، وإمدادهـم بأنواع الخير والمعروف، من هدايا وصدقات وأمـوال في المناسـبات وفي غيرها، وفي الحديث الشـريف: ( الصدقة على المسكين صدقـة، وهي على ذي الرحم اثنتان: صدقة، وصِلة ).

ولا يخفى أن صلة الأرحام تعود على فاعلها بالخير العميم، في الرزق والعمر والعافية والذكر الحسن الجميل، ففي الحديث الشريف: ( من أحب أن يُبسَط له في رزقه، ويُنسَأَ له في أثرِه، فليصِلْ رَحِمَهُ ).

يضاف إلى هذا: أن صلة الرحم تُكسِب صاحبَها رضوانَ الله تعالى ومحبتَه، وهي سببٌ في دفع البلوى، وتطيبِ خواطر الأقرباء، وإدخالِ السرور إلى نفوسهم، فهي إذن باب خير عميم، تتأكد من خلالها وَحْدة الجتتمع وتماسكه وتآلفه، فتمتلئ نفوس أفراده بمشاعر الراحة والاطمئنان، والبعد عن العزلة والوَحْدة والشعور بالكآبة وما يتبعها من أمراض نفسية انتشرت في المجتمعات التي كثرت فيها قطيعة الرحم.

وفي المقابل نجد أن قطيعة الرحم شؤم على صاحبها، فهي تبعده عن رحمة الله تعالى، وتضعف روابطه الأسرية والاجتماعية، وتحرمه من نعيم الدنيا والآخرة، ففي الحديث الشريف: "( لا يدخل الجنة قاطع رحِم ).

وإذا كانت صلة الأرحام على هذه الشاكلة الحميدة والمنافع العديدة، فهي تعتبر ـ بحق ـ سبباً من أسباب التآلف والترابط الاجتماعي، التي عني بها الإسلام وأولاها رعايته واهتمامه.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين