كيف يتصرف الأب مع ولده؟

المتأمل في المناهج التربوية الحالية يلاحظ أن بعضها يوجه إلى الاقتصار على اتباع أسلوب النصح والإرشاد دون تقييد حرية الطفل، وهو المنهج السائد في النظريات الغربية، وقد كان لهذا المنهج مناصرون في عالمنا العربي والإسلامي، وسمعنا بأمثلة لكثير من الأسر التي أدى اقتصار أسلوبها على هذا المنهج إلى انحراف أولادهم _ بنبن أو وبنات _ وربما زيغهم عن الدين..

والحقيقة هي أن هذا المنهج يمثل خطوة من خطوات حماية الأبناء من الانحراف في التربية الإسلامية، ويأتي معها أو بعدها استخدام أسلوب الشدة بمراتبها المتدرجة، من التبيه إلى التأنيب، ثم الزجر، ثم الحرمان، ويأتي في آخر تلك الأساليب الضرب التأديبي غير المبرح، ويكون ذلك في حالات قليلة..

ومن رغب في ان يحتج على أساليب الحزم والشدة فليخبرنا ماذا يفعل مع ولده إذا أراد الانتحار، أو عمد إلى فعل يؤذيه في بدنه؟!! ألا يكون أسلوب التقييد والضرب آخر الأساليب التي يستعملها لمنعه من إهلاك نفسه، فإذا علمنا أن تدمير الفكر او الأخلاق لا يقل خطرا عن إيذاء الجسد، بل ربما يفوقه، هان علينا استعمال الضرب لمنعه مما يؤذيه، بعد أن نكون قد استفرغنا وسعنا في الوسائل المتقدمة عليه..

وتبقى معرفة منابع الفساد هي الأساس في حماية الأولاد من المنزلقات الخطيرة، ويكون ذلك بمنعهم من التواصل معها أو ترشيد استخدامها..ومن منابع الفساد رفاق السوء بعد التعرف على أحوالهم، ونصحهم بعد ذلك بعدم التواصل معهم، أو منعهم منه بأساليب أخرى، وقد لا يكون رفاق السوء بالضرورة من عوائل غير متدينة!!

وكم سمعنا عن عوائل ظاهرها التدين، وحقيقتها عدم الوعي بالمسؤولية تجاه الأولاد، ومن ثم يكون لاختلاط الأولاد بأبناء هؤلاء آثار لا تقل سوءاً عن اختلاطهم بأولاد الشوارع!!

ومن أخطر منابع الفساد في هذا العصر عالم الإنترنت، ولعلنا لا نتجاوز الحقيقة إذا قلنا إن أضراره على الناشئة أكبر بكثير من منافعه، مع وجود ما هو أنفع لهم منه من قصص هادفة أو كتب فكرية نافعة..

ومن المؤسف أن الانترنت صار مشرعاً بين أيدي الأولاد، وكثيرا، وليس دائماً، ما يفشل أولياء الأمور في ترشيد استخدامه، بما يحفظ على الأبناء دينهم وأخلاقهم..

ولا شك في أن المراقبة عن بعد لا بد ان تكون حاضرة على الدوام، فنظرة عابرة لمشهد غير أخلاقي قد يدمر ما عمل المربي على بنائه في الناشئ!!

وكذلك الفكرة المضللة التي قد يعجز عن الإجابة عنها المثقف عالي المستوى أو بعض أهل العلم، فإنها تحفر وتفسد في ذهن الفتى أو الفتاة، ثم يأتي وقت تخرجه فيه عن المنهاج الذي تربى عليه!!

وإذا صعب على الآباء أن يمنعوا الناشئة من دخول عالم الانترنت، فليجتهدوا على تقليل دخولهم إلى فضائه، و ليعملوا على ملء فراغهم بما هو نافع ومفيد؛ من الرياضة والمطالعة، والحديث ذو شجون..

نسأل الله اللطف بأبنائنا وبناتنا، وأن يحفظ عليهم دينهم وأخلاقهم..

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين