لا تعتبوا؛ فلكلّ قومٍ هُدهُدُ!

هُد هُد النبيّ سليمان ، قال له : (أحطتُ بما لم تُحط به وجئتكَ مِن سَبأ بنَبأ يقين)

فكلّفه ، بحَمل كتاب إلى القوم (سبأ ) .. وأدّى المهمّة ، على أتمّ وجه ، وأثمرت مهمّته ثمرة طيّبة ؛ إذ جاءت بلقيس مؤمنة ، إلى نبيّ الله سليمان ! 

والإعلام ، اليوم ، يؤدّي مهمّة الهدهد ، بأشكال متنوّعة ، وأساليب مختلفة .. يَخدم بها الدول والحكّام ، وسائر المؤسّسات ، التي تحتاجه ، وتوظّفه ، لخدمة مصالحها، وتحقيق أهدافها ! 

وإذ كان الهدهد ، قد صار رمزاً، لأداء المهمّات المعلوماتية ؛ فيمكن القول ، ببساطة: إن لكلّ جهة هدهدَها ؛ سواء أكانت الجهة ، صالحة أم فاسدة .. وسواء أكانت مصالحها أو أهدافها ، جيّدة أم سيّئة ! 

وبناء على ماتقدّم ، فلا يَسوغ ، عقلاً أو سياسة ، أن يطالَب كلّ هُدهُد ، بتقديم الخدمات ، لكلّ جهة ؛ سواء أكانت خدماته تَطوّعية ، ام مأجورة .. أم كان مأموراً بها ، بحكم التبعية الوطنية .. أو غيرها ! 

وعلى هذا ؛ فمَن يَطلب من جهاز إعلامي ما ، أن يخدمه ، كما يخدم الجهة التي يعمل لحسابها، فهو مختلّ التفكير! فالسوري يُعَدّ أبلَه ، حين يلوم الإعلام الفرنسي، لأنه لا يتعامل مع مصلحته السورية ، كما يتعامل مع المصلحة الفرنسية ! والليبي يُعَدّ غبيّاً ، أو بليداً ، إذا افترض أن الإعلام الأمريكي ، يخدم ، أو يجب أن يخدم، قضيته اللييية ، كما يخدم قضايا أمريكا ومصالحها ، في ليبيا ، أو غيرها ! بل، حتى الحيادُ المُنصِف ، من قِبل جهاز إعلامي ، تابع لدولة ما ، في صراع بين دولتين .. يكاد يكون معدوماً ؛ إذ لابدّ للدولة ، صاحبة الإعلام ، من أن يكون لها مَيل ، أو هوى ، أو مصلحة ما ، سياسية أو غير سياسية ، في الانحياز، إلى إحدى الدولتين المتصارعتين ! 

أمّا ما يتحدّث عنه بعض السذّج ، من أن أمريكا تكيل بمكيالين ، في سياستها أو إعلامها ؛ فتعامل مصرمعاملة ، تختلف عن معاملة إسرائيل .. أمّا هذه السذاجة ، فلا تَصدر، إلاّ من أهلها السذّج ، أو العجزة الأغبياء الفاشلين ! فالعاقل يكيل ، مع الناس، بمكاييل متعدّدة ، في بيعه وشرائه ، وفي مواقفه السياسية والاقتصادية ، ونحوها ؛ فيبيع صاحبُ المَتجر ، لأخيه أو أبيه ، بسعر مخفّض ، عمّا يأخذه من الغرباء ، هذا، إذا أخذ ثمن المبيعات ، أصلاً ، من أبيه أو أخيه ! 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين