رسالة حول إحالة بعض المدرسات من التعليم  ومنع المنقبات من دخول الجامعة

 

رسالة حول إحالة المدرسات من التعليم إلى إدارات الدولة العامة ومنع المنقّبات من دخول الجامعة
 
أرسل بعض الإخوة العلماء الكلمة التالية، ونحن ننشرها لأنها كلمة حق، ونداءُ مؤمن، وغيرةُ مسلم صادق، وتضمُّ الرابطة رأيها إلى رأي الأخ الكريم:
 
قال حفظه الله تعالى: (إنَّ القرار الذي صدر في سورية بإحالة 1200 مُدرسة متنقبة من التعليم إلى العمل في إدارات الدولة العامة، نهاية العام الدراسي 2009-2010م ومع بداية الإجازة الصيفية، ثم القرار الآخر الذي تلاه بمنع الطالبات من ارتداء النقاب في الجامعة أيضاً !! ولا ندري ما يتبع ذلك من قرارات أُخرى تسيء إلى الحرية الشخصية والدينية التي كفلتها كافة دساتير العالم.
 
إنَّ ما أقدم عليه المسؤلون في فرنسا من منع النساء المسلمات من ارتداء النقاب في الأماكن العامة، قد لا يكون مستغربَاً كثيراً لأنه صدر عن أناس يخالفوننا في معتقدنا وعاداتنا وتقاليدنا، ولكنْ يكون الأمر مستغرَباً أكثر عندما يصدر القرار في بلد مسلم ينصُّ على أن ( دين الدولة الإسلام ).
إن منع المرء من ممارسة شعائر دينه في بلده، وخاصَّة في بلاد الشام المباركة، مأرز الإسلام، وأرض المحشر، يُعتبَر إساءة لمشاعر المسلمين، وإنَّ مما يزيد الأمر سوءً أن يأتي بعض المنتسبين إلى العلم، فيقول: إن النقاب بدعة دخيلة على الإسلام، وإنه ليس من الدين ولا من الإسلام في شيء، وإنما دخل على المسلمين في عصور الانحطاط الشديد !!.
 
يقول العلامة الشيخ الدكتور يوسف القَرَضاوي – حفظه الله – رادّاً على مَنْ يدّعي ذلك:
(إن وصف النقاب ـ بأنه بدعة دخيلة، وأنه دَخَل على المسلمين في عصور الانحطاط  ـ وصف غير علمي وغير موضوعي، وهو تبسيط مُخِلٌّ).
تم يقول – حفظه الله – بعد أن ذكر أقوال بعض المفسِّرين والفقهاء حول الخلاف في تغطية الوجه: (فمما لا يمارِي فيه أحد يعرف مصادر العلم وأقوال العلماء أن القضية خلافية، أعني قضية جواز كشف الوجه، أو وجوب تغطيته ومعه الكفَّان أيضاً، وقد اختلف فيها العلماء من فقهاء ومفسِّرين ومحدِّثين قديماً، ولا يزالون مختلفين إلى اليوم).
 
 ولا نريد في نصيحتنا هذه ترجيح قول على قول، ولكن لابد من توضيح أن فرض رأي من الآراء على أحد، هو إلغاء لحرية الفكر، والبحث، ولحرية الآخرين.
 
قال القرضاوي متابعاً: ( فلمْ يَقلُ أحدٌ من علماء المسلمين في القديم أو الحديث بتحريم لبس النقاب على المرأة بصفة عامة، إلا ما جاء في حالة الإحرام فحسب.
 
إنما اختلفوا فيه بين القول بالوجوب، والقول بالاستحباب، والقول بالجواز. أما التحريم، فلا يُتصَّور أن يقول به فقيه، بل ولا الكراهية. ولو كان الأمر مجرَّد مباح – كما هو الرأي الذي أختاره ولم يكن واجباً ولا مستحباً – لكان من حقِّ المسلمة أن تمارسه، ولم يجز لأحد أن يمنعها منه لأنه خالص حقها الشخصي، وليس في ممارسته إخلال بواجب ولا إضرار بأحد.
 
والدساتير الوضعيَّة نفسها تقرر هذه الحقوق الشخصية، وتحميها، كما تحميها مواثيق حقوق الإنسان.
 
وكيف ننكر على المسلمة المتديِّنة أن تلبس النقاب، مع أنَّ من زميلاتها من طالبات الجامعة من تلبس الثياب القصيرة – والمبالغة في القِصَر – والشفَّافة والمُجسِّمة للمفاتن، وتضع من (ألوان المكياج) ما تضع، ولا يُنكِر عليهنّ أحد، باعتبار أنَّ هذا من الحرية الشخصية !
 
فيا عَجَباً كيف تترك الحرية للكاسيات العاريات، المائلات المميلات، ولا يتعرض لهنَّ أحدٌ ببنت شفة !!
 
ثم يُصَبُّ جام السَّخط كله، واللوم كله، على ربَّات النقاب، اللائي يعتقدن أن ذلك من الدين الذي لا يجوز التفريط أو التساهل فيه ؟ للهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ، ولا حَوْل ولا قوة إلا بالله ! ). انتهى كلام القرضاوي.
 
لقد مضى على حجاب المرأة المسلمة مابين مُنقَّبة أو كاشفة لوجهها مئات السنين في سورية وغيرها من البلاد المسلمة دون أن يعترض أحد ذلك حتى في عهد الاستعمار، فما هو السبب في صدور هذا القرار في هذا الوقت ؟
وإنَّ القول بأنَّ المعلمة في المدرسة تُلقي دروسها على الطالبات، وهي منقبة هو كلامٌ عارٍ عن الصحة، ولو ُفرِض أن واحدة من مئات المدرسات قامت بذلك... فهل هذا مبرر لمنع المنقبات من التعليم وإحالتهن إلى دوائر أخرى، لقد شهد كثير من مديرات المدارس ومسؤولي التوجيه بأن هؤلاء المدرسات هُنَّ من أكثر المعلمات إخلاصاً واتقاناً لعملهن.
 
ألم يكن الأجدر بمسؤولي التربية والتعليم، الحريصين على أخلاق الأمة وقيمها أن يمنعوا الكاسيات العاريات المائلات المُميلات اللاتي خَلَعْن برقع الحياء والخجل فظهرن في الطرقات والمدارس والجامعات والدوائر الرسمية بوضعٍ يندى له جبين الفضيلة والعفَّة والأخلاق والحياء خجلاً وألماً وحسرة ؟!.  انتهت رسالة الأخ المرسل شكر الله له وجزاه الله خير الجزاء.
 
وختاماً، فإن الرابطة التي تؤيد رسالة الأخ العالم الفاضل تؤكِّد أيضاً على النداء الذي وجّهه العلامة الشيخ يوسف القرضاوي رئيس اتحاد علماء المسلمين في برنامج (الشريعة والحياة) يوم الأحد 5 رمضان المبارك الموافق 15 آب 2010م لرئيس الجمهورية العربية السورية الدكتور بشار الأسد ومناشدته أن يتدخل شخصياً، لإيقاف هذا القرار، وإعادة هؤلاء المعلمات الفاضلات إلى ممارسة دورهنَّ التربوي والتعليمي، واحترام حرية الطالبات الجامعيات في وضع النقاب أو عدمه، وذلك حرصاً على مصلحة البلاد والعباد، ودرءاً لفتنة لا تحمد عقباها، ولن يستفيد منها إلا أعداء الوطن ومثيرو الفتن.  حفظ الله بلاد الشام بإسلامها وعزّتها وكرامتها، موحَّدة مرهبة الجانب، مصانة فيها جميع الحقوق والحريات.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين