حتى يكون الحوار ناجحاً

 الأستاذ : محمد عادل فارس

 
        كلنا يمارس الحوار . بعضنا يمارسه أكثر من بعض .
        الأخ يحاور أخاه ، والأم تحاور ابنتها ، والجاران يتحاوران ، وكذا الزميلان والشريكان …
        وقد يحدث حوار جماعي في سهرة بين أصدقاء ، أو في لقاء رسمي أو حزبي ، أو في ندوة يشاهدها جمهور من الناس …
        بعض الحوارات يكون في شؤون الحياة اليومية ، وبعضها يكون في شؤون الفكر والسياسة والاقتصاد .
        كثير منها يبدأ بشكل عفوي من دون تهيئة مسبقة ، وبعضها يكون مرتّباً .
        وليس كل حوار ناجحاً ، إذ قد ينتهي الحوار بشجار ، أو بمزيد من الاختلاف ، أو ينتهي إلى غير نتيجة واضحة .
        وحتى نزيد من فرص نجاح الحوار ، ونتجنب سلبياته ومضاعفاته ، أو نقلل منها ننصح بالتزام الوصايا الآتية :
1. حدِّد - إن استطعت - موضوع الحوار ، قبل البدء به ، لا سيما إذا كان الحوار داخل مؤسسة رسمية أو حزبية ، أو في ندوة يراقبها جمهور من الناس .
2. رتِّب جدولاً للموضوعات الجزئية أو الفرعية التي ينبغي أن يدور حولها الحوار ، وليكن هذا الترتيب منطقياً . إذ أن الحوار في نقطة قد يقتضي الاتفاق على مضمون نقطة قبلها . ويفضّل أن يكون هذا الجدول مكتوباً ، ومتّفقاً عليه منذ البداية . ولا مانع من استدراك نقاط اقتضاها الحوار ، لم تكن ملحوظة في البداية .
3. استحضر نية الإخلاص لله تعالى ، والرغبة في الوصول إلى الحق والصواب ، ولو ظهر الحق والصواب على لسان محاورك … واحذر من وجود الرغبة في الغلبة الشخصية أو الطَّرَفيّة .
4. ليحرص المتحاوران ( أو المتحاورون ) على الالتزام بموضوع الحوار ، وليقلّلا من الاستطراد قدر الإمكان ، لأن الاستطراد يضيع الوقت ، وقد يحرف سير الحوار إلى طريق آخر ، وقد يبرز قضايا جانبية تقتضي حواراً مستقلاً .
وإذا برزت من خلال الحوار نقاط جديدة ليست في صلب الموضوع وتحتاج على نقاش ، يمكن تسجيلها على حدة ، ثم مناقشتها بعد الفراغ من النقاط التي هي موضوع الحوار ، سواء تمّت المناقشة في نهاية اللقاء أو في لقاء آخر .
5. كن مستمعاً لبقاً ، تُنصت لمحاورك حتى تشعره بالاهتمام ، وحتى تستوعب كلامه جيداً . لأنك إذا لم تشعره بالاهتمام دفعته إلى الثأر لنفسه ، وإلى معاندتك … وإذا لم تستوعب كلامه جيداً فقد تفهمه بشكل فتسيء إلى نفسك وإلى مُحاوِرك وإلى الحوار نفسه .
6.    من حسن الاستماع ألا تقاطع محاورك إلا لضرورة ، وأن يكون ذلك بلطف وأدب .
7. اضبط أعصابك فلا تنفعل كثيراً ، ولا تخرُج عن اتّزانك ، بل تكلّف الهدوء وضبط النفس … وابتسم إن استطعت ، فهذا أدعى لتركيز الفكرة وإنجاح الحوار .
8. راقب قلبك حتى لا تحمل كرهاً لمحاورك أو تقوم برد فعل خاطئ على أسلوبه في الحوار ، أو تحقد عليه . واحرص أن تزيل أي أثر لخصومة شخصية .
9. احذر الكلمات والعبارات التي تدل على انتصار لشخصك ، وتعظيم لشأنك ، وتحقير لمحاورك ، ووصمه بالجهل ، والتشكيك بدوافعه …
10.حاول أن تحرّر نقاط الاختلاف مع محاورك ، سواء قبل البدء بالحوار ، أو في أثنائه ، وأن تعرف نقاط الاتفاق كذلك . أبرِزْ نقاط الاتفاق كي تتخذها قنطرة تعبر منها إلى محاولة الاتفاق على النقاط المختلف عليها .
11.انتبه جيداً إلى درجة الخلاف مع محاورك ، هل هو خلاف عميق حول المعتقدات والمقدّسات والقيم العليا … مما لا يمكن التنازل عنه أو المساومة عليه ، فيكون قصارى جهدك أن تكون ليّناً في أسلوبك ، من غير أن تستجرّ للتنازل عن الثوابت المقدّسة … أم هو خلاف على أمور دون هذه الدرجة من القدسية ، فيمكن أن تقبل بالتنازل ، ولو جزئيّاً ، لتتمكن من الالتقاء مع الطرف الآخر … أم أن موضوع الخلاف لا يتجاوز - في حقيقته - وجهات نظر متباينة ، فيعرض كل طرف رأيه و مسوغاته ، ويقبل بتبديل وجهة نظره كليّاً أو جزئيّاً حسبما يرى من حجج الآخرين .
إن من الخطأ الفادح أن تتنازل عن الثوابت المقدّسة باسم المرونة ، أو تتعصّب لموقف تشوبه كثير من الملابسات ، فتلتفت إلى بعضها ويلتفت محاورك إلى بعض آخر … وقد تكون وجهة نظر محاورك أعمق نفاذاً ، وأكثر إحاطة …

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين