الصيف... وتهيّؤ الشباب للقيادة
بقلم: حسن قاطرجي

 

يأتينا الصيف هذا العام – ككلّ عام – ليمنح للكثيرين وخاصة للشباب فرصة الاستراحة من الأعمال الرتيبة المرهقة؛ فالجامعات والمدارس تدخل في عطلة الصيف، والشركات والمؤسسات تمنح الإجازات الطويلة خاصة في البلاد الشديدة الحرارة، وتتنوّع استعدادات الناس للاستفادة من أيام الإجازة وإشغالِها بما يُفيد ومَلْئها بما يتقدّم بقُدُرات الفرد ويطوِّر مواهبه...
وهذا الصيف يمتاز بميزة إضافية وهي مجيء رمضان المبارك وسط أشهره – فهو يجيء في شهر أغسطس (آب) بلّغنا الله سبحانه إيّاه – ورمضان غنيّ بفُرَص تطوير الذات واكتساب أخلاق القياديين الربانيين.
وبما أن أمتنا على وجه العموم وقطاعات الشباب على وجه الخصوص تقف على مفترق طرق بالنسبة لمستقبل نجاحها في دورها القيادي للبشرية أو إخفاقها، ولمواجهتها للتحديات القاسية التي تهدِّد وجودها وشخصيتها ومكانتها في العالم... فإن من أوجب الواجبات عليها وخاصة الشباب منها التهيؤ للدور القيادي - الذي يَعني قُدرتهم على الإمساك بزمام مصالح الأمة ومقدَّراتها - للسير بها باتجاه موقعها الذي لا يَرضى اللهُ ربُّ العالمين إلا أن تتبوّأَه: وهو موقع الخيرية كنتم خير أمة أخرجت للناس وموقع الشهادة وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس. وهما شرفان عظيمان وخطيران يتطلّبان أول ما يتطلّبان اكتساب ما يلي وفي أيام الإجازة والمدرسة الرمضانية فرصة غنية لذلك:
1. الإخلاص بمعنى أن لا نكون إلا لله عز وجل ولا نريد إلا الظَّفَر برضاه، لأنّ الإخلاص بركة الحياة وأول شرط للفوز في الآخرة. يقول سبحانه وتعالى: وما أُمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حُنفاء. وفي معنى (حُنفاء) دلالات رائعة وبليغة في الإقبال بالكلية على الربّ إيماناً وتوكّلا،ً وحباً وشوقاً، وخشيةً ورجاءً، ثم في الاستقامة وعدم الميل عن سلوك الصراط الذي ارتضاه لعباده وهو الإسلام.
2. الجِدّ لأن الأمة القائدة أمّةٌ جادّة، وهذا يتطلّب التدرُّب على اختيار الأهداف العظيمة واكتساب الصبر على الإنجاز وعلى المتاعب وعلى طول السير للوصول إلى الأهداف، كما يتطلب عِمارة الوقت وليس تضييعَه أو إماتته... وكل ذلك توفِّره مدرسة رمضان العظيمة وفرصة الفراغ في عطلة الصيف من الأعمال الرتيبة ليستفاد من ذلك في اكتساب مهارات جديدة وأخذ دورات تطوير الذات ومن أغناها (مصاحبة القادة الربانيين).
3. الثقافة الواسعة فنحن في عصر لا مكان فيه للجُهال ولا للأغبياء، ويجب على شبابنا أن يُحبوا التبحر في الثقافة والإكثار من أوقات المطالعة والمتابعة والبحث والدراسة، وأول وأهم مصادر الثقافة (القرآن العظيم) ورمضان شهر القرآن.
فأقبلوا أيها المسلمون واغتنموا أيها الشباب أيام العطلة وكنز رمضان وسِيحُوا في الأرض وتفقهوا في سنن الله في التاريخ والحضارات. ولنتعلم جميعاً كيف نكون قادة نُعزّ أمتنا ونُعلي شأن ديننا ونأخذ دورنا الحضاري في هذا العالَم الذي يقف على حافة هاوية الخراب والدمار إلا إذا تقدّمتْ (رسالة الإسلام) بجهود حثيثة وذكيّة من (أمة الإسلام) لإنقاذه وإسعاده!

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين