في ذكرى الثورة

يجب على كل إنسان أن يؤمن بأن حق الحياة بل والحياة بكرامة حق يمنحه الله كل إنسان وليس منحة أرضية يمنحها إنسان ويمن بها على الآخرين، ومن المسَلَّم به أن الشعوب قد تستكين فترة أو تصبر بانتظار الأفضل وعلى أمل تغير الأحوال للأفضل، لكن الأيام أثبتت أن الظالم يفهم سكوت المظلومين استكانةً وضعفًا وخنوعًا بل ربما رضا بما يصنع، وهذا حال سوريا الثائرة الجريحة التي يحكمها نظام فاشي مجرم جعل من إذلال شعبه سياسة له فكان ساديًا يتلذذ بتعذيبهم، وعادة المجرمين أن تزداد حالتهم سوءً فلا يصحون مما هم فيه حتى يعاجلهم الموت أو يثور الشعب عليهم، وهذا ما ينطبق على أبناء سوريا الأبرار الذين حاولوا بكل ما يستطيعون تصحيح المسار وأخذ الحقوق ولو على دفعات لكن المجرم أبى بكل صلافة وعنجهية وكأنهم عبيد يطلبون ما لا يحق لهم طلبه، فزادوا رفع الصوت لعله يتذكر أو يخشى فتمادى في طغيانه وزاد في ضلاله وأرسل شبيحته ليطاردوا الأحرار في كل شارع وطريق محاولًا فت عضدهم وكسر شوكتهم، لكن ما حصل لم يكن بحسبانه فقد ازداد الإصرار وانطلق الأحرار لتزيد أعداد التائقين إلى شم عبير الحرية متسلحين بإيمان يهون عليهم ظلم البعيد وجفاء القريب قائلين في الصباح وفي المساء "يا الله ملنا غيرك يا الله" ليخرجوا بأعداد أكبر إلى الساحات والميادين منادين بإصلاحات ومحاسبات لمجرمين عاثوا في الأرض فسادًا ليكون ذلك دليلًا من الظالم على أن تعديل المسار قد بدأ. لكن التعنت منه زاد والإصرار من الأحرار زاد وبدأ عشاق الحرية يسقطون الواحد تلو الآخر برصاص الظلم بأيد يفترض أنها أيدي إخوانهم، واستمر الصبر أكثر مما يُتصور فكان الثائر ينطلق باتجاه حامل البندقية بل راكب الدبابة حاملًا غصن زيتون ولسان حاله يقول: "لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يديَ إليك لأقتلك" لكن الأمر لم يتغير بل زاد لؤم هذه الطغمة الفاسدة واشتد أذاها وصارت حملات الاعتقال ومسلسلات التعذيب التي تنتهي بجثة الشباب وقد عذبوا عذابًا لم يسمع مثله في التاريخ كثيرة جدًا لدرجة لا تطاق، فأخرج بعض الأحرار ما قد يطلق عليه مجازًا سلاح ومشوا مع المتظاهرين لحمايتهم دون الاعتداء على أحد لكن حجم الحقد الذي كان قد ملأ قلوب أولئك الذي سُموا فيما بعد شبيحة تجاوز الحد الذي يمكنه أن يتحمله بشر، وخصوصًا إذا عرفنا أن هؤلاء الجلادين هم مجرمون محكومون بأحكام مشددة نتيجة سوء أفعالهم، ليطلق المجرم يدهم ضد شعب أعزل قد تسلح بالكرامة وعزة النفس وأبى الظلم وكره الظالمين وقرر أن يثور إن لم يكن لنفسه فلكي يحيا أولاده من بعده حياة كريمة.

وبدأ الثوار مضطرين إلى التسلح ليحموا أنفسهم من هؤلاء القتلة العابثين والمجرمين المأجورين وخصوصًا بعد تواطؤ الدول التي راق لها رؤية الدم السوري يراق فلم تحرك ساكنًا يذكر ولم تنبس ببنت شفة، وبدأت البنادق تعلوا أصواتها وصيحات الحرية تصل عنان السماء وبدأت معها مواكب الشهداء تترى راحلة إلى الله ليغمض الشهيد عينه مبتسمًا مؤمنًا أن هناك من سيتابع بعده المشوار. أما من تجمع من العسكريين الذين انشقوا عن جيش الظالم فهؤلاء عرفوا تمامًا وجهتهم وعرفوا أن ثمن الحرية غالٍ لكنهم رضوا بدفع الثمن بعد أن شموا شيئًا من رائحتها وعاشوا أيامًا في ظلها فقرروا أن ما يُبذل في سبيلها سيثمر يومًا ما أمنًا وأمانًا وعدلًا واستقرارًا وكرامةً طالما تاقوا إليها.

وبدأت ثمار الثورة تظهر على شكل مناطق خرجت من يد النظام وعادت إلى أهلها الحقيقيين ليبدؤوا بإدارتها برفق ولين وحب كيف لا وهي أرضهم التي رويت بدماء إخوانهم في ساحات الحرية؟!! وها هي دماؤهم الزكية تُنبت أجمل الأزهار، واستمر الكفاح واستمر المشوار ليزداد الخضار ويفرح الثائرون بنصر الله أما من تجمع من العسكريين الذين انشقوا عن جيش الظالم ومن انضم إليهم من الأحرار فهؤلاء عرفوا تماما وجهتهم وعرفوا أن ثمن الحرية غال لكنهم رضوا بدفع الثمن بعد أن شموا شيئًا من رائحتها وعاشوا أيامًا في ظلها فقرروا أن ما يُبذل في سبيلها سيثمر يومًا ما أمنًا وأمانًا وعدلًا واستقرارًا وكرامةً طالما تاقوا إليها أما من تجمع من العسكريين الذين انشقوا عن جيش الظالم ومن انضم إليهم من الأحرار فهؤلاء عرفوا تماما وجهتهم وعرفوا أن ثمن الحرية غال لكنهم رضوا بدفع الثمن بعد أن شموا شيئًا من رائحتها وعاشوا أيامًا في ظلها فقرروا أن ما يُبذل في سبيلها سيثمر يومًا ما أمنًا وأمانًا وعدلًا واستقرارًا وكرامةً طالما تاقوا إليها، ليُفاجأ الأحرار ودون سابق إنذار بموجة سواد شلت حركتهم وفرقت جماعتهم ففقدوا للحظات سيطرتهم غير عارفين ماذا يفعلون وكيف يردون، وكان ثمن التأخر في اتخاذ القرار فاتورة كبيرة من دماء زكية لم يستطع الأسد عبر زبانيته ومرتزقته إراقتها لتراق بأيدي من يدعون الإسلام وهو منهم ومن أفعالهم براء.

كاد المجرم أن يسقط بعد اضمحلال سلطانه لكن شياطين الإنس والجن التي تعمل في العلن والخفاء لم ترد ذلك فبذلت الغالي والنفيس لكي لا يسقط، وبدهي أنه لا يساند الظالم إلا ظالم مثله، فدخلت روسيا ومن قبلها إيران بحدها وحديدها وبكل قوتها لتوغل في دماء الأطفال الزكية، الأطفال الذين كان ذنبهم الوحيد أنهم وجدوا في زمن هذه الفرعون وأن لهم آباء وأمهات أبوا الضيم ورفضوا الظلم، وفي كل يوم يزداد الظلم وتزداد أشكاله سوءً ليطال البشر والحجر مستهدفا الصغير قبل الكبير والمرأة قبل الرجل والطفل قبل البالغ بصواريخ وبراميل تصب جام غضبها على مدنيين عزل ذنبهم أنهم أرادوا العيش بكرامة، 

واستمر الحال حتى صار الأمر دوليًا وبدا منه ما كان خفيًا، من دول الأصدقاء أو الأعداء ليغدو الملف السوري على طاولة كل المصلحين أو المفسدين وكل حزب بما لديهم فرحون.

وما يزال الخطر ماثلًا وما يزال الأمل قائمًا ولا يزال الأحرار يسعون جاهدين للوفاء بالعهود التي عاهدوا الله والشهداء عليها وما زالوا مصرين على تنفيذ الوصايا التي قرؤوها في عيون الشهداء وهم يغمضون أعينهم في آخر لحظات حياتهم.

ما يزال الحق والشر يصطرعان وما يزال أتباع كلٍ مستمرين على مواقفهم التي صنفوا أنفسهم من خلالها، وكل الأحرار أمل أن الفجر قريب وأن شمس الظالم ستغرب ولو تأخر الغروب قليلًا وأن الدماء الزكية التي سالت لن تضيع سدىً وأن شقائق النعمان ستزهر وأن الأرض سيحكمها أبناؤها الحقيقيون الذين ضحوا من أجلها وما بخلوا لا القتلة المأجورين الحاقدين، ولا بد للقيد أن ينكسر ليخرج المضطهدون والمعتقلون من سجون أظلم من عرف التاريخ، من مسالخ بشرية لا تبقي ولا تذر تحت سمع العالم وبصره فأبشروا عشاق الحرية بأن لكم أسماء نقشت على جدار الزمن حروفها من نور سيضيئ للأجيال الدرب فقولوها بصوت قوي مرتفع "وثورتنا منصورة"

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين