البطولات ليست في الحروب فقط فسدُّ الثغرات الواسعة بطولة!

قال الشاعر:

ليس مَن يَقطع طُرقاً بطلاً =إنّما مَن يَتّقي اللهَ البطلْ !

قياساً على هذا المبدأ ، وعلى ما ورد في تاريخ الأمم ، يمكن أن يصنّف بطلاً :

مَن خاطر بحياته ، لإنقاذ نفوس معرّضة للهلاك ؛ بحريق ، أو بغرق ، أو بنحو ذلك !

مَن جهّز جيشاً كاملاً ، كجيش العُسرة ، من ماله الخاصّ ، فقال عنه النبيّ : لايضرّ عثمان مافعل ، بعدَ اليوم !

مَن قيل له ، وسيفُ الجلاّد ، فوق رأسه : أتحبّ أن يكون محمّد ، في مكانك ، الآن ، وأنت آمنٌ في بيتك ؟ فقال : والله ، لا أحبّ أن يشاك محمد ، بشوكة ، وأنا آمن في بيتي ! وذلك هو خُبيب بن عَديّ ، الذي أُسِرَ ، غدراً ، وبيع إلى قريش ، لتنتقم ، من محمّد وأصحابه ! وقال خبيب ، قبل قتله :

ولستُ أباليْ ، حين أُقتَل مُسلماً = على أيّ جنْب ، كان ، في الله ، مَصرَعي !

من حُبس ، ظلماً ، وقيل له : اكتب رسالة ، إلى رئيسك ، تطلب منه ، فيها ، الرحمة ! فأبى وقال : إذا كنت محبوساً بحقّ ، فأنا أرضى بالحقّ .. وإن كنت محبوساً بباطل ، فأنا أكبر، من أن أسترحم الباطل ! وحُكم عليه بالإعدام ، فقيل له : اكتب رسالة استرحام ، لرئيسك ، ليعفو عنك ! فقال : الإصبع التي تشهد لله بالوحدانية ، لا تكتب رسالة استرحام ، إلى ظالم !

وهو القائل : إن كلماتنا تظلّ عرائس من الشمع ، حتى نموت في سبيلها ! فإذا متنا لأجلها، دبّت فيها الحياة ! وهذا هو شهيد الإسلام ، وأمّة الإسلام : سيّد قطب !

مَن أنفق أموالاً طائلة ، من حسابه الخاصّ ، وهو هرم بن سنان ، ليصلح بين قبيلتين ، أكلتهما الحرب ، هما : عبس وذبيان .. برغم كونه جاهلياً !

من جاءته السلطة ، التي يقتتل عليها الناس ، في بلاده .. تسعى على قدميها ، مثل عبد الرحمن سوارالذهب ، فزهد بها، وأسلمها إلى شعبه ، ليختار له حاكماً، عبر الاقتراع الحرّ !

من فتح عيادته ، لشعب كامل ، يعاني من مآس رهيبة ؛ فطفق يعالج مصابيه ، بالمجّان ، النهارَ، كلّه ، وردحاً من الليل ! وأعانته زوجته ، بمعالجة النساء ؛ فكانا يعملان ، بلا كلل ، ولا ملل ؛ لإنقاذ الناس من الهلاك .. وهو راض ، لا تفارق البسمة شفتيه ، برغم المكائد ، التي يدبّرها له الحاسدون ، ويختلقون له صعوبات إضافية ! وهو الطبيب المحبوب (أ- س)! ونعزف ، عن ذكر اسمه الصريح ، هنا ، لأسباب ، يعرفها بعضهم ، ويجهلها كثيرون ! ثمّ إنه عَلمٌ ، لدى عارفيه ! ومن يعرفه ، جيّداً ، يعرف ما يبذله ، من جهود مضنية ، على حساب وقته ، ووقت أهله ، وصحّته ، وصحّة أهله .. ولا يبتغي غير الأجر، من الله ، دون أن يرجو، من الناس جزاء ، أو شكوراً !

هؤلاء وأمثالهم ، أبطال حقيقيون : كلّ منهم بطل ، في ميدانه ، وفي الثغرة ، التي سدّها ، أويَسدّها ! ولكلّ منهم درجاتٌ ، عند ربّه !

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين