الله لمْ يسوّ بين عباده ؛ فأيّة محاولة للتسوية بينهم ، هي عبث مدمّرٌ مَقيت !

 

الله لمْ يسوّ بين عباده: لمْ يسوّ بين الأعمى والبصير، ولا بين العالم والجاهل ! بل ، لمْ يسوّ بين رُسله، بل فضّل بعضَهم على بعض ، ولمْ يسوّ بين مَن آمن قبلَ الفتح وجاهد ، وبين مَن آمَن بعدَ الفتح وجاهد ! فمَن طلب التسوية ، بين الناس ، إنما هو احمق ، أو جاهل ، أو عابث ، أو صاحبُ هوى !

والفروقُ ، بين الناس ، كثيرة ، في : الأبدان ، والعقول ، والقدرات المتنوّعة !

وحتى في القضاء ، الذي يتساوى فيه الناس في الحقوق ، لمْ يسوّ القضاءُ ، في أيّ بلد، وأيّة ملّة، بين مجرمَين ، اشتركا في جريمة ، أحدهما : مجرمٌ محترف ، والآخر: مخدوع ، اشترك في جريمة، عن طريق الخطأ !

فالحقوق ، بين الناس تتفاوت ، والواجبات تتفاوت ، كذلك ؛ فالجاهلُ لا يكلّفُ ، بما يكلّف به العالِم، والثريّ ، القادرُعلى بذل المال الكثير،لا يُكتفى منه ، بما يُكتفى به ، من الفقير المعدِم ، والقادرُعلى الجهاد بنفسه ، لا يُقبل منه ، ما يُقبل من المريض ، أو العاجز!

وصاحبُ القدرات العالية ، لو طَلب أن يعامَل ، معاملة مَن هم دونَه، في الواجبات، أضرَّ بنفسه ومجتمعه! وذو القدرات المتدنّية ، لو طلبَ أن يعامَل ، في الحقوق، معاملة مَن هم أعلى منه ، أضرّ بنفسه ومجتمعه! والمجرمُ المصرّعلى إجرامه ، الذي يَطلب من ربّه ، أن يعامله ، معاملة الأتقياء الصالحين ، يضيف إلى إجرامه ، حماقة !

وبناءً على هذا ، كله ، يُنظر إلى مهمّة النُخب ، المتقدّمة في قدراتها : العلمية ، والعقلية ، والاجتماعية .. ويعوَّل عليها ، في قيادة مجتمعاتها !

الخليفة الراشد : أمدّ الجيش ، في الحرب ، بأربعة رجال ، وقال : كلّ منهم بألف !

خالد بن الوليد : سيفٌ سلّه الله ، على أعدائه ؛ فلايقاس به ، غيرُه ، من قادة الجيوش! وعمرو بن العاص، لايقاس به ، مَن هو دونَه ، في الدهاء !

وقد وَصف النبيُّ ، بعض أصحابه ، بصفات ، لم يصفْ بها ، غيرهم !

في الانتخابات العامّة ، تتساوى الأصوات ؛ فصوت العالم ، كصوت الجاهل ، في القيمة ! لكنّ الآراء ، تتفاوت ، كثيراٌ؛ فرأي العالم ، في قضيّة ما ، لا يعدله رأيُ أيّ جاهل ، في القضية ، ذاتها! ومَن سَوّى ، بين الآ راء ، كتسويته بين الأصوات ، ارتكب جريمة بشعة ؛ لأن العالِمين قلّة ، في أيّة مسألة ، والجَهلة كُثر! وبناء على هذا ، يسود رأي الجهلة ، فيكون ، في هذا ، تدميرٌ: للمجتمع ، أو الدولة ، أو الأمّة !

فعلى نُخب الأمّة المخلِصة ، أن تعي هذا ، جيّداً ، وأن تندُب ، لقيادة المجتمعات : القويَّ الأمين ! ومَن تصَدّى لحمل الأمانة ، مِن غير أهلها ، يجب كفّه ، بحزم ؛ وإلاّ استمرّت الفتنُ ، التي تهلك الجميع ! ( إذا وُسّد الأمرُ، إلى غير أهله ، فانتظرِ الساعة )!

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين