التسويف جند من جنود إبليس

 

كلما تبهرنا الحياة أكثر نتوه في أحضانها وننسى أنه لابد من نهاية لرحلتها التي قد تكون قريبة وقريبة جدا.

كل يوم نخاطب أنفسنا أننا سنبدأ غدا، لا نشعر بقصر الحياة إلا عندما نتذكر الموت أو عند زيارة القبور، هؤلاء من هم تحت التراب كانوا يظنون أن لديهم وقتاً طويلاً لإنجاز أعمالهم وتحقيق أحلامهم، لكنهم، ودون أن يريدوا، ماتوا.

كم هي المهام الملقاة على عاتق كل واحد منا، ودائما نقول لأنفسنا: سنفعل ذلك الأمر في أقرب وقت ممكن، ويظل التأجيل قائما وتتوالى الأعذار فواجباتنا أكثر من أوقاتنا؟!

حتى تتراكم الأشغال والواجبات فتغدو وحشاً مخيفاً نجتهد في الهروب منه!

في آخر الدراسات عن التسويف وُجد أن أكثر الشعوب تسويفاً هم الفرنسيون، حيث يؤجلون أعمالهم بشكل دائم وهم يشعرون بسعادة التأجيل، سعادة عابرة ووهمية، لا تقارن أبدا بسعادة الإنجاز وديمومة الشعور الحقيقي بمتعة القيام بعمل ما في وقته وعلى أكمل وجه ممكن.

ورد في الحديث الصحيح “أحبُّ الأعمال إلى الله الصلاة على وقتها” وبالقياس فإن كل عمل ينجز في وقته سيمنحنا شعور الرضى ويزيد ثقتنا بأنفسنا، والشعور الأجمل المقابل هو رضى الله عنا.

القول المشهور: “لا تُؤجل عمل اليوم إلى الغد” يضعنا أمام مخاطر كثيرة للتسويف تزداد وتكبر كلما تأخرنا في التنفيذ.

وحكاية الضفدع الذي يرمز إلى المهمة تضعنا أمام اختيار أصعب، وملخص الحكاية أن ضفدعا صغيرا جدا يمكن تناوله في لقمة واحدة عند قيامك بالمهمة في وقتها، لكنك إذا تأخرت في إنجاز المهمة لأيام طويلة، فسوف يتحول إلى ضفدع كبير يصعب أكله، ولا بد في النهاية من أكله، فأكل الضفدع هو رمزية للقيام بالواجب.

هناك أيضا حكاية أخرى تُروى عن رجل كان يبيع السمك وقد طرق الباب على أحد زبائنه ليبيعه سمكا طازجا، ففي اليوم الأول لم يشترِ الزبون، فعاد البائع إليه في اليوم التالي لكنه لم يشترِ أيضا! وأخيرا في اليوم الثالث اشترى الزبون السمك وتفاجىء أنه غير طازج!!

عاتب الزبون بائع السمك، لكن البائع كان ذكيا وفي جوابه ملمح مهم لعدم التأجيل فقال لزبونه: “لقد تأخرت في شراء السمك إلى اليوم الثالث، وهذه نتيجة تسويفك، ولو أنك اشتريت السمك في اليوم الأول لوجدته طازجا”

غالبا ما يكون التسويف مرتبطا بتوفر القدرة وانتفاء الرغبة، حيث يكون الشخص عمليا قادراً على القيام بعمل ما لكنه لا يرغب بذلك.

ولذلك لابد لنا من نصائح تساعدنا في القضاء على التسويف أبرزها مايسمى بمهمة: “الدقائق العشر” وتساعدنا هذه الطريقة على تجاوز صعوبة العمل وثقله على النفس، وهذا ما يعرف اصطلاحا بعبارة: “كآبة المهمة”

ابدأ في أي مهمة جديدة أو صعبة بمزاولتها لعشر دقائق فقط في المرة الأولى، وبعد ذلك تزيد الدقائق تباعا، حتى تجد نفسك في النهاية قادراً على القيام بالمهمة لفترة أطول وأطول، وبعدها تتحول المهمة الصعبة إلى عادة طيبة وناجحة.

ولا بد في الخطوة التالية من تحديد الأولويات وكتابتها في جدول مهام يومية ومتابعة تنفيذها.

ومع الإصرار والتكرار تتحول المهام الصعبة إلى عادات راسخة سهلة، فتنظيم الوقت والقيام بالواجبات حسب جدول الأولويات كفيل بإنجاز أكبر المهمات وأصعبها .

المصدر: موقع حبر

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين