يا أهلنا في حلب، يا أهلنا في سوريا: ألا إنّ نصر الله قريب

 

يا أيها الصابرون الصامدون المرابطون على أرض الشام: إنكم تُمْسون وتصبحون على لهب النار وتعيشون اليومَ بعد اليوم والشهرَ بعد الشهر في جوف الإعصار، وإنها تمرّ بكم ساعاتٌ تضيق فيها الأنفس وترتجف فيها القلوب، فلا تفقدوا ثقتكم بربّكم ولا تفقدوا ثقتكم بأنفسكم ولا تفقدوا ثقتكم برجولتكم، فإنما أنتم اليومَ كالأصحاب يومَ الأحزاب: {إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفلَ منكم وإذا زاغَت الأبصارُ وبلغت القلوبُ الحناجرَ وتظنّون بالله الظنونا، هنالك ابتُلي المؤمنون وزُلزلوا زلزالاً شديداً}.

 

الصحابة وفيهم رسول الله زُلزلت قلوبهم وزاغت أبصارهم، فكيف بقلوبنا وأبصارنا نحن الأيتام في هذا الزمان؟ لا بد أن تتزلزل قلوبنا وتزيغ منا الأبصار، ولكن تذكّروا ما وصف به ربُّنا تبارك وتعالى بعدَها أولئك المؤمنين الخائفين أنفسَهم: {ولمّا رأى المؤمنون الأحزابَ قالوا هذا ما وعَدَنا الله ورسولُه، وصدق الله ورسوله، وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً}.

 

ما الذي وُعدوه من قبلُ ثم تذكّروه في تلك الساعة فصدّقوه؟ إنه -كما يقول أهل التفسير- خطاب الله لهم: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنّةَ ولمّا يأتِكم مَثَلُ الذين خَلَوا من قبلكم، مسَّتْهم البأساء والضراء وزُلزلوا حتى يقولَ الرسولُ والذين آمنوا معه: متى نصرُ الله؟ ألا إنّ نصرَ الله قريب}

 

يا أهل البلاء في الشام، إذا زُلزلتم الزلزالَ الشديد فناديتم كما نادى أتباع الرسل: متى نصر الله؟ فتذكروا جواب الله الجازم الأكيد: {ألا إن نصر الله قريب}... قريب ولكنْ ليس بالمقياس الذي تُقاس به أعمار أفراد الناس، بل بالمقياس الذي تقاس به أعمار جماعات الناس. كذلك كان الخطاب للصحابة يوم نزلت هذه الآية، فأدرك بعضُهم النصرَ ولم يدركه آخرون، ولكنّ أحداً منهم لم يشكّ أنه وعد مستحَقٌّ ولو بعد حين.

 

يا أهلنا في حلب، يا أهلنا في سوريا: اصبروا على ما أصابكم من بأساء وضَرّاء ولا تقنطوا ولا تحزنوا، ألا إنّ نصر الله قريب.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين