هل أصاب قلوبكم الوهن؟! وهل أصاب عقولكم الوهم؟!

كثير من الناس لا تحتمل قلوبهم وعقولهم ما يروا من مشاهد الدمار والقتل على أرض الجهاد والبطولة في غزة المباركة.. فتراهم يفزعون ويخافون ويتسلل الجزع إليهم، وربما أصابهم اليأس والإحباط، وربما لاحَقَتْهم وساوس شيطانية وتساؤلات وشبهات تثيرها بعض الجهات.. تشكك بصوابية ما قامت به المقاومة في يوم العبور العظيم، وأن ذلك لم يكن قراراً حكيماً، وأنهم لم يُحسنوا تقدير الأمور، وكانت خطوتهم متهورة، جرّوا من خلالها الدمار على البلاد والعباد..

وربما كتموا ذلك في نفوسهم فظهر من فلتات اللسان، وربما صرّحوا به تحت دعاوى التقييم والمراجعة!! والمعركة لا تزال قائمة!!...

وغير ذلك من الوساوس والشبهات؛ التي تعبّر في جوهرها عن حالة وهن أصاب القلوب، ووهْم أصاب العقول، وذلك نتيجة لضعف اتصالها بالنبع الصافي الذي تستقي منه وتغذي القلوب والعقول معا؛ وهو الوحي المعصوم، وفي المقابل ولوغها في الينابيع المكّدّرة والعكرة المتمثلة بأبواق الشيطان في وسائل الإعلام...

 

إن القلب الذي سكنه الإيمان لا يقنط من رحمة الله، ولا يشك بوعده، ويرضى بقضائه، ويعتقد فيه الحكمة، ولا تهوله الأحداث والخسائر مهما بلغتْ، ولا تستخفّه الأخبار والإشاعات.. ينظر في كتاب الله فيجد فيه الروح التي تسري في قلبه فيرى بنور الله.. وينظر في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام فيرى صبرهم ويقينهم وتصديقهم بوعد الله في يوم الخندق -على سبيل المثال- فيتّخذ منهم أسوةً حسنة يقتدي بها، ويبشّر إخوانه ويبثّ الأمل.

 

وكذلك العقل المسلم الذي تشكّل وفق مرجعية الوحي، فانطلق في أفكاره وقيَمه وغاياته ووسائله من كتاب الله تعالى وسنة نبيّه صلى الله عليه وسلم، فلن تخدعه شبهات المنافقين ولن تنطلي عليه أراجيف المُرْجفين، لأنه يحمل اليقين الذي لا تقف بوجهه كلُّ الظنّون والأوهام فضلاً عن الأباطيل والإشاعات..

 

بهذا القلب العابد لله والعقل المؤمن بوعد الله يرى المسلم في هذه الأحداث الجِسام نوراً في نهاية النفق..

إن ما يحدث على أرض الإسلام في غزة المجاهدة ليس مجرد جولة من الجولات العابرة، بل هي أحداث مفصلية في التاريخ، وسيكون لها ما بعدها من تغييرات جذرية لا أقول على مستوى فلسطين فحسب بل على مستوى العالم، برغم ما نرى فيها من آلام وتضحيات، لا بدّ منها في مرحلة المخاض الذي سيعقبه ميلاد فجر جديد لهذه الأمة يُتَوَّج بخلافتنا الراشدة وبسقوط معسكر الشيطان بعون الله وقوّته ..

 

فاستبشروا خيراً وثقوا بالله واصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون.

 

 

ملاحظة أخيرة ونصيحة غالية: قلٍّلوا من متابعة الأخبار، وأكثروا من العيش مع القرآن

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين