مدرسة فلسطين الملهمة

- بعثت الربيع العربي بعد موت

- أبرزت مركزية فلسطين ومحورية الصراع مع عدوّها، عدوّ الأمة.

-أفشلت صفقة القرن التي عملوا عليها لسنين، وصرفت عليها ميزانيات ضخمة، وجندت لها أجهزة مرعبة! ويلحق بها مشروع الشرق الأوسط الجديد

-أحيت القضية في نفوس جيل راهنوا على أن يغرقوه في بحر ثقافة التفاهة حتى لا يتهدد مشروعهم التطبيعي!

- أوضحت أن القبة الحديدية لا تستطيع قهر إرادة المقاومة، والقبة التي عنيتها ليست نظام الرادار الصاروخي الذي يحركه العدو مباشرة فقط، وإنما تشمل النظام الإقليمي والدولي الذي يحاصر ويشيطن ثقافة المقاومة ويجفف مواردها ويلاحق أبطالها!

- أوضحت أن الفصائلية لا تحول دون عمل مقاوم موحد إن صدقت النوايا، وأن تحالف المقاومة ضرورة استراتيجية.

- العمل المقاوم دعامة تجديد مشروع سياسي وطني، وأي مشروع سياسي مجرد عن قوة تسانده هو مشروع استجداء وتوسل، وعالم السياسة لا يرحم الضعفاء ولا ينصفهم ولا يحترمهم.

- الدين طاقة ملهمة لكل شعوب الأرض لا تعدلها طاقة في تفجير مقاومة الشعوب، لكن ليس بالطريقة التي أفرزها التعامل الاستقطابي الحاد عند ما يسمى إخوة المنهج، والذي احتكرت الدين لدى أبوات أرادوا قهر ناس ثاروا على القهر بفرض فهمهم للدين وإكراه الناس عليه!

- فضحت الممانعجية الذين يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، وفي الحديث: (المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور)، فأكرم الله هذا الحراك الفلسطيني الحقيقي بتطهيره من متاجرة الخمينية والقومجية وأذنابهم..

كما فضحت المطبعجية الذين زيّنوا الهزيمة النفسية، ولم يكتفوا بطرح الخيانة كوجهة نظر، بل جعلوها شجاعة يتباهون بها، ورسخوا مفهومًا سلبيًّا للواقعية عنوانه الاستسلام للواقع والوقائع! بينما كانت المقاومة تمارس الواقعية كفعل مقاوم بما يتضمنه من اجتهاد وجهاد في تحدي الواقع وتغييره بأدوات واقعية..

- جعلت الشعوب تدرك أن المشروع الصهيوني وإن بدا لوهلة أنه أنظف من أدواته وعملائه في تعامله مع أعدائه غير أنه الأخطر، لا لأنه يستخدم أدوات بطشهم بغض النظر عن الكم والكيف مراعاة لاعتبارات دولية تجعله يراعي اعتبارات لا تراعيها النظم المستبدة مع شعوبها، ولكن لأن كل إجرام المستبد المحلي هو بتغطيته ودعمه وهو شريك بكل أوزاره وإجرامه..

- أوضحت أن الصادق الحر الذي يحمل القضية قد يضعف لفترة عن العمل المقاوم لحصار أو ملاحقة، لكنه يستعين بالله ولا يعجز، ويستعد لساعة الإذن بالقتال، وهي ساعة قد لا يختارها، بل تكتب عليه وهي كره له، لكنه إن كان أعدّ لها ما استطاع من قوة ورباط فسيكون أهلا لإدخال الرهبة والرعب في نفوس الأعداء.

وواضح أن المقاومة الفلسطينية في فترات السكون الطويلة لم تكن مشغولة في جدل عقيم وسفسطات بيزنطية وتنظيرات وخطابيات، بل كانت تطوّر من كفاءتها، وتجدد جاهزيتها بما يبهر العدو قبل الصديق مرة بعد أخرى.

- أقارن بين انتفاضة ١٩٨٧ وحراك ٢٠٢١ فأجد ارتباطا عكسيا في سلوك المقاومة بين القول والفعل!

فقد كانت بيانات الفصائل طويلة جدا مشحونة بخطاب شعبوي غارق برصف العواطف وقت كان العمل المقاوم -ليس انتقاصا- حجر ومقلاع وهتاف. بينما حراك اليوم صاروخ يصل مداه ٢٥٠ كيلو متر، وطائرات مسير ة، واستباحة لكل سماء العدو، مع مظاهرات عارمة تملأ الأرض من حوله، ثم بيانات ناطقي المقاومة اليوم كليمات يكاد أن يعدّها العادّ، لكننا نسمع دويّ ما تزلزل بالفعل لا بالعواطف ورصف الكلمات!

- فضحت فلسطين هذا العالم المتمدين الذي يزعم مناصرته للحرية ثم تخيفه كل كلمة تنتصر للحق الفلسطيني أو تفضح جرائم العدوّ! وما سلوك وسائل التواصل الاجتماعي غربية الإدارة والملكية إلا دليل على ازدواجية معايير الغرب تجاه قيم الحرية والعدالة وحقوق الإنسان والسلام...

- من جانب آخر أبرزت فلسطين أن كل أحرار العالم تقف جنبا إلى جنب ضد الظلم، فلنعمل على تعزيز هذه القيم الإنسانية والتأسيس لحلف فضول عالمي يؤسس لها، بعيدا عن متاجرة وانحياز صناع السياسة الدولية وما يطرحونه من قانون إنساني عام يقيم الحد على الضعيف ويترك (الشريف)! فضلا على أنه قانون منحاز يخضع لمعايير بعضها إشكالي!

- المقاومة الفلسطينية قامت على النديّة في أحلافها ولم تكن في مجملها أداة بيد أحد، وهذا ليس دفاعا عن بعض سلوك خاطئ لبعض رموزها انتقدناه في وقته ولا نقدره فوق قدره، ولا نوظفه كما يريد غيرنا عنوانا لعمالة وشقاق!

ولا يشمل كلامنا عملاء موجود مثلهم في كل شعب، من أمثال الفصيل الذي بدأ بحرب شعبه الفلسطيني بلبنان خدمة للنظام السوري قبل أن يشارك بتشبيح وجرائم النظام في حقّ السوريين..

- فلسطين كانت جامعة لكلمة الأحرار وغيرهم، وكثيرون ممن لم يشاركوا بأي حراك ثوري عربي يشاركون اليوم بحماس في القضية الفلسطينية، وهذا مؤشر جيد وله أسبابه، ففلسطين بوصلة الحق الساطع كالشمس، لذلك صدح بها صادق الدعوى والمدّعي!

- بعض الأدعياء زعموا أن قضية فلسطين هي قضية تحرر، بينما المخاض الثوري في الدول العربية كان حربا أهلية! وهذا كلام متهافت سببه أن كثير من هؤلاء لا يداري عجزه باعتذار واستعاذة بالله من هذا العجز، بل يدافع عنه ويدعي الحكمة في التماس ذرائع لتبرير خذلانه لقضايا التحرر التي قد تكلفه ما هو أكثر من كتابة في هاشتاغ وتغيير بروفايل!

- الأحرار أولى بالأحرار من رعاع المزاودين، ومن لم يقف مثلا في صف أيقونة سورية الحرّة (حمزة) كاذب إن زعم اليوم أنه يقف في صفوف أحرار القدس وغزة!

الحرية لا تشبه السحليّة!

الحرية لها لون واحد، مصبوغ بدم الشرفاء، وهيهات يعرفه المتلونون!

- أما من يزعم أن حروب التحرر التي نخوضها خارج فلسطين تختلف عن حرب فلسطين بأن تلك كانت حربا أهلية! أقول لهم اتقوا دعوة مظلوم يسأل الله أن يسلّط عليكم كبشار لتتخذونه أهلا وتوادعونه!

- النماذج المضيئة من فلسطين ملهمة أيضا كفلسطين، وتؤكد أنهم صفوة الله من عباده اختارهم لصفوته من أرضه، ربما كان المؤمنون في زمن موسى عليه السلام في شعب، فهابوا الجبارين على شركهم، فكيف إذا اجتمع في نفس الشعب بعد هداية أنهم مؤمنون وجبّارون، وفي عدوّهم أنهم مغضوب عليهم وجبناء... فهل عجب أن تكون فلسطين مدرسة في الثبات والعزيمة واليقين؟! وهي مع هذا قلب الأمة التي بصلاح أهلها تصلح الأمة، وإذا فسدوا فلا خير فيها!

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين