كشمير
كشمير ولاية ساحرة الجمال، غنية بالخيرات، عدد سكانها 12مليون شخص. وتقع في المنطقة ما بين الهند وباكستان، وحيث أن الغالبية العظمى من سكانها مسلمين، أراد الشعب الكشميري المسلم أن يصبح ولاية تابعة لباكستان فيستقل عن الهند.. وأصدرت الأمم المتحدة قرار بضم الولايات ذات الأغلبية المسلمة لباكستان وتقسيم شبه القارة الهندية عام 1947م، لكن الهند لم تستجب للقرار وقامت باحتلال ولاية كشمير عام 1947، وعملت على ضخ المهاجرين الهندوس والسيخ للاستيطان في كشمير.
مارست الهند شتى أنواع القهر الوحشي المنظم والعنيف لأهل كشمير المسلمين من قتل وتشريد واغتصاب وحرق للبيوت وخطف الأطفال، والاضطهاد المادي والمعنوي للشعب الكشميري.
أصدرت الأمم المتحدة ثلاث قرارات تطالب بوضع حد للأزمة الكشميرية وعمل استفتاء يقرر فيه الشعب الكشميري مصيره بنفسه، فرفضت الهند وأصرت على احتلال كشمير، ونشأت خلال الأربعين عاماً حركات جهادية كشميرية للدفاع عن الدين والنفس والوطن والمطالبة بالحقوق وخصوصاً منذ 1990م. فضاعفت الهند من ضرباتها لكشمير ومارست شتى أساليب التعذيب والإبادة.
يعود تاريخ القضية الكشميرية إلى اليوم الذي قامت فيه الهند بإنزال قواتها في الولاية بتاريخ 27/10/1947م، متخذة من الوثيقة المزورة باسم الملك الهندوسي للولاية آنذاك "هري سينغ" مبرراً لاجتياح الولاية وضمها بالقوة؛ ومن المعروف أن تقسيم شبه قارة جنوب آسيا كان على أساس فكرة "الأمتين" Tow Nation Theory وهو ما يعني أن المسلمين في شبه القارة ليسوا جزءاً من القومية والحضارة الهندوسية وإنما أمة مستقلة بذاتها لم تبنَ على أسس جغرافية، وإنما على العقيدة الإسلامية.
وطبقاً لهذه الفكرة جاء تقسيم شبه القارة الذي نص على أن المناطق والولايات ذات الأغلبية المسلمة ستكون ضمن إطار الدولة الباكستانية، فيما ستنضم الولايات والمناطق ذات الأغلبية الهندوسية للدولة الهندية التي ستقام على أسس علمانية حيث أنها ستحوي طوائف وديانات أخرى، وعلى هذا الأساس قام المسلمون الذين يقطنون الولايات ذات الأغلبية الهندية بالهجرة إلى موطنهم الجديد، وتعرضوا خلال سفرهم وتنقلهم للإنضمام للصرح الإسلامي المناوئ للكفر إلى محن ومآسي كثيرة، وكان أخطرها المذابح التي تلقوها على أيدي الهندوس وهم في طريقهم إلى باكستان.
من الضروري بمكان معرفة الطبيعة اللامتناسقة للقضية الكشميرية من أجل فهم أوسع لأبعادها وتطورها، ومن الصعوبة بمكان أيضاً فهم تلك الطبيعة قتل خوض رحلة "إسراء" في بدء تاريخ"القضية والوقوف على تاريخها القديم والحديث، و"معراج" في أبعادها والوقوف عند جذور الصراع والجهود السلمية المبذولة من قبل الدول المعنية والموقف الدولي إزاء تلك القضية القديمة المتجددة، لذا فإنه من المناسب الإبحار في أعماق القضية مروراً بالخلفية التاريخية ومستعرضين جذور الصراع ومبادئ القضية وآفاق التسوية
المؤامرة الهندوسية ضد كشمير تؤازرهــا مؤامرة دولية كبرى تتمثل في تجاهل المأساة وعدم الوقوف مع حقوق شعب كشمير في تقرير مصيره، كما أن القوى الدولية المؤثرة لا تعير أي اهتمام لكافة الانتهاكات الهندوسية لحقوق الإنسان المسلم هناك، وذلك لسبب واحد وهو أنهم مسلمون.
لا يكاد يمر يوم واحد دون أن تنتهك الهـنـــد بـكــل شراسة حقوق المسلمين في ذلك البلد الصامد، دون أن تتعرض لأي ضغط دولي، حتى ولــو بوضـعـهــــا عـلى قائمة الإرهاب؛ فالنظام العالمي الجديد في صف كل من يقف ضد الإسلام ويشوه صــورتــه، إلا أننا وجدنا أمريكا تحذر باكستان مراراً وتكراراً من مغبة وضعها على قائمة الإرهاب لــــو استمرت في تأييد المجاهدين من أهل كشمير.
أما روسيا: فهي تقف دائماً إلى جانب معارضة تدويل القضية، وذلك على إثر طرحها من قـبـل الرئيس الأمريكي »بل كلنتون« مما جعل الهند تقبل على مضض بالتدويل الذي أصبح حقيقـة واقعة يرددها القادة الأمريكيون والأوروبيون وجماعات حقوق الإنسان و(54) دولة عضو في منظمة المؤتمر الإسلامي وطرحها للنقاش في مجلس الأمن
اندلاع حرب 1965م:
كانت النتيجة لفشل كافة المساعي الدولية في حل أزمة كشمير هو زيادة التوتر بين الهند وباكستان، وزاد من هذا التوتر الإعـلان الذي أعلنـه وزيـر داخليـة الهنـد في 1 /1/ 1965م بأن كشمير جزء لا يتجزأ من الهند، كما أعلن وزير الدفاع الهندي أن القوات الهندية التي كانت تعبر خط وقف إطلاق النار في الماضي سوف تفعل ذلك مرات أخرى إذا دعتها الضرورة إلى هذا الفعل، وتوترت العلاقات أكثر عندما أعلن رئيس وزراء الهند آنذاك "شاستري" تصميمه على اعتبار كشمير جزءاً لا يتجزأ من الهند، وعلى أثر ذلك اندلعت الحرب بين البلدين في 5/8 1965م، واستمرت الحرب 17 يوما.
ولما اشتدت الحرب شعر مجلس الأمن الدولي بخطورة الحالة، فعقد جلسة طارئة في 22 /9/ 1965م، وأصدر قراره رقم 211 بوقف إطلاق الـنار بين البلدين وسـحب القوات إلى المواقـع التي كـانت تحتلها قبـل 5 /8/ 1965م في فترة لا تتعدى 25/2، ولكن المجلس وعد باتخاذ ما يمكن اتخاذه من إجراءات لتسوية المشكلات السياسية التي ينطوي عليها النزاع الهندي الباكستاني دون أن يذكر القضية الكشميرية صراحة!!
اتفاقية طشقند:
عمل الاتحاد السوفيتيي السابق على إنهاء الأزمة بين الهند وباكستان وحلها حلاً سلميّاً بعد اشتعال الحرب بين البلدين مباشرة، فقد تسلم الرئيس الباكستاني محمد أيوب خان دعوة من موسكو يوم 4 /9/ 1965م لعقد لقاء مع "لال بهادر شاستري" ، وتمخض الاجتماع عن توقيع اتفاقية عرفت باتفاقية طشقند، وقد نصت الاتفاقية على ما يلي:
علاقات حسن الجوار بين باكستان والهند وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، وانسحاب جميع القوات المسلحة التابعة للبلدين إلى المواقع التي كانت ترابط فيها قبل 5/8/1965م، وأن تلتزم البلدان بشروط وقف إطلاق النار عند وقف القتال، كذلك عدم التدخل في الشؤون الداخلية لكل من البلدين، وعدم تشجيع أي دعاية موجهة ضد البلد الآخر، وأن يشجعا الدعاية الرامية إلى تنمية العلاقات الودية بينهما، وأن تعود البعثتان الدبلوماسيتان في كلا البلدين إلى عملهما الطبيعي، وعلى الحكومتين أن تلتزما بميثاق (فيينا »سنة 1961م بصدد العلاقات الدبلوماسية، وإعادة العلاقات الاقتصادية والتجارية والمواصلات إلى ما كانت عليه، وكذلك إعادة التبادل الثقافي بينهما، وإطلاق سراح أسرى الحرب وإعادتهم إلى بلادهم، وإيجاد الظروف التي تحول دون هجرة السكان، كما اتفقا على أن يبحثا في إعادة الأملاك والأموال التي استولى عليها كلّ من الطرفين نتيجة النزاع، وكالعادة كانت باكستان بقيادة محمد أيوب خان تعمل على تنفيذ الاتفاقية بعكس الهند.
لم تشهد قضية (جامو وكشمير )أحداثاً أو تطورات يمكن رصدها في الفترة ما بين يناير 1966م حتى عام 1971م سوى قيام الحرب بين الهند وباكستان أواخر عام 1971م بسبب الحركة الانفصالية في شرق باكستان التي أدت إلى قيام دولة بنجلاديش فيما بعد.
ولم يستطع مجلس الأمن الدولي في 4/12/1971 م من التوصل إلى قرار بشأن الحرب الهندية الباكستانية، مما جعله يحيل المسألة إلى الجمعية العامة التي دعت البلدين في 7/12/1971م إلى وقف الحرب بناءً على القرار الذي أصـدرته برقـم (307) بوقف إطلاق النار فوراً وسحب القوات المسلحة للبلدين، وتم وقف إطلاق النار رسميّاً وفعليّاً يوم 17/12/1971م.
الأحقاد الهندية في كشمير:
قــال الـدكــتـور يونس النجرامي عميد كلية اللغة العربية بالهند: إن العمليات الوحشية للجيش الهـنــدي في ولاية جامو وكشمير المسلمة من يناير 1990م، حتى نهاية 1998م، أدت إلى استشهاد (59170) من مسلمي كشمير، رجالاً ونساءاً وأطفالاً، وعدد الشهداء من القادة الـسـيـاسـيـيـن (315)، ومن العلماء والمشايخ (335)، والجرحى من الرجال والنساء والأطــفـــال (75020)، والمسـجـونــــون من الشباب المسلم في السجون الهندية (5000)، والمسجونون رجالاً ونساء في ولاية جامو وكشمير (70600)، وعدد المسلمين الذين أُحرقوا أحياء في بيوتهم (620)، والمهاجرون الذين هاجروا من كشمير المحتلة، والمصابون على الحدود (37000)، والنساء المسلمات اللاتي انتهكت أعراضهن (4014)، والنساء اللاتي وُجدت جثثهن في نهر جهلم (1417) والمصاحف والكتب الدينية التي أحرقت (28500)، والمسلمات الشابات اللاتي استشهدن بسبب هتك أعراضهن (407)، والمساجد التي دمرت أو أحرقت (81)، والبيوت والدكاكين والمستشفيات والمدارس التي أحرقت (30039)، والأنعام التي أحرقت حية (2642)، والقوارب السكنية في بحيرة (دل) في سرينجار التي أحرقت (553).
[مجلة الإصلاح، العدد: (410)]
معلومات جغرافية:
تقع كشمير في أقصى الشمال الغربي لشبه قارة جنوب آسيا، وتتمتع بموقع استراتيجي بين آسيا الوسطى وجنوب آسيا، حيث تتقاسم الحدود مع كل من الهند، وباكستان، وأفغانستان، والصين، فتحدها من الجهة الشمالية الغربية أفغانستان، ومن الشمال تركستان الشرقية، ومن الشرق منطقة التيبت، ومن الجنوب كل من محافظة "هيماشال برادش" ومنطقة البنجاب الهنديتين، ومن الغرب إقليما البنجاب وسرحد الباكستانيان. وتبلغ مساحتها الكلية 86023 ميلاً مربعاً، يقسمها خط وقف إطلاق النار لعام 1949م (الذي يطلق عليه اليوم خط "الهدنة" وفقاً لاتفاقية سملا لعام 1972م)، حيث إن 32358 ميلاً مربعاً منها يشمل الجزء المحرر ويُسمى ولاية جامو وكشمير الحرة، و53665 ميلاً مربعاً منها تحت الاحتلال الهندوسي ويطلق عليها ولاية جامو وكشمير المحتلة
الســـكان:
حسب إحصائية تمت عام 1941م بلغ عدد سكان الولاية 4021616 نسمة، كان المسلمون يشكلون منهم نسبة 77%، بينما الهندوس 20%، و3% من السيخ والأقليات الأخرى. وحسب الإحصاء الذي قامت به الهند سنة 1981م، بلغ عدد سكان كشمير المحتلة 5987389 نسمة، يشكل المسلمون نسبة 2.64% منهم، والهندوس 25.32%، والسيخ 23.2% والبقية ما بين بوذيين ومسيحيين وأقليات أخرى.
وتعكس الإحصائيات التي قامت بها السلطات الهندية بعد تقسيم شبه القارة، انخفاضاً في النسبة المئوية التي يمثلها المسلمون، وارتفاعاً في نسبة الهندوس، غير أن هذا التغير في نسبة الهندوس إلى المسلمين غريب من نوعه، حيث إنه لم تتم الإشارة في الإحصائيات العديدة إلى أي عامل منطقي يقف وراءه كالهجرة أو معدلات تكاثر أو وفيات غير عادية، مما يوحي بأنه ربما كان مؤامرة هندية تهدف إلى تغيير البنية السكانية لغير صالح الأغلبية المسلمة.
ويبلغ عدد سكان كشمير الحرة 1983465 حسب إحصاء 1981م، يمثل المسلمون أغلبية ساحقة منهم بنسبة 8.99% وتتوزع البقية على الهندوس والميسحيين والأحمديين والقاديانيين
لمحة تاريخية:
العهد الإسلامي في الولاية:
دخل الإسلام إلى كشمير خلال القرن الرابع عشر الميلادي، حيث اعتنق رينجن شاه -وهو حاكم كشميري بوذي- الإسلام في 1320م على يدي سيد بلال شاه (المعروف كذلك باسم بلبل شاه) وهو رحالة مسلم من تركستان، وقويت شوك
جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول