عذرا صلاح الدين

 

 

عُذرًا إذا ماصلاحُ الدِّينِ عادَ لنا = وسيفُنا كانَ للأغرابِ مُرتَهَنا

عُذرًا إذا ما غُلاةُ العالمين أتَوا = لسلْبِها واسْتباحوا حولَها المُدُنا

عُذرًا إذا اتّحدوا رغْمَ العِداءِ ، بِنا = ونَحنُ نزرعُ فيما بيننا الإحَنا

أغرَوا بِنا بَعضَنا كي نسْتكينَ لهم = وبَعضُنا لم يكنْ في سعيه فَطِنا

عُذرًا لِمَحبوبَتي السَّمْراءِ ، إنْ خُذِلت = مِن أمّةٍ ألِفت جلبابَها العَفِنا

فَفي معاني العُلا تَجترُّ سالفَها = وفي دُجى ذلِّها تَستعذبُ الوَهَنا

كَم قاوَمَت مزْعَ ثوبِ الكِبْرياءِ وكم = قد وَلْولَت ، واسْتباحوا طبعَها اللّدِنا

عذرا من المسجد الأقصى ، فقد مُحقت = فينا النفوسُ التي لم تحذرِ الزَّمَنا

يباركُ العُرْبُ سِرًّا ذبحَ قُبّتِه = والسِّرُّ ياقدسُ فينا يَمقُتُ العَلَنا

سُيوفُنا قد تَربَّت في الظِّلال وقد = عبّت مِنَ الذُّلِّ ماأغْرى بِنا الجُبَنا

عاشَت بِظِلِّ رَخاءِ الفاتحين وكم = أورى الغزاةُ على أغْمادِها فِتَنا

ياثالثَ الحَرمَينِ العَيْنُ ماهَجعَت = مُذ قيلَ : إنَّ صلاحَ الدِّينِ قد جَبَنا

ياثالثَ الحَرمينِ ، العينُ مارقدَت = وفارقَت مُنْذُ فجرِ الفاتحِ الوَسَنا

ماعادَتِ القُدسُ جُرحَ المُسلمينَ وفي = بغدادَ يَصقلُ كسرى للرَّشيدِ قَنا

ونخلُ بغدادَ ما غنّى له بردى = إلا وألقَى لَهُ عَبرَ المَدى أذُنا

وشامُنا ياصلاحَ الدينِ قد نَسَجوا = لها على الذّلِّ أثوابَ الرَّدَى كفَنا

وفي طرابُلْسَ تبكي العينُ مِنْ ألَمٍ = وقد نَعَت في المَآسي لِلوَرى عَدَنا

وخيلُنا ياصلاحَ الدِّينِ قَدْ حرَنَت = ولم تعُدْ لِلْمَعالي تَتبَعُ الرّسَنا

وجِلدُنا ياصلاحَ الدِّينِ مِنْ صَلَفٍ = عَلَى التَّعاظُمِ في الأوْهامِ ضاقَ بِنا

يادمعةً في عُيونِ الكبرياءِ لها = دَمْعٌ على كلِّ خدٍّ في الدُّنا هَتَنا

رَسا بكِ القلبُ أنْ طافَ الوجودَ هوًى = واختارَ مَسْراكِ في دُنيا الهَوى وَطَنا

لاحقَّ في الكونِ إلّا ماتقرِّرُه = يداكَ بالسّيفِ لا مايُرتَجى مِنَنا

فالحقُّ ما قالَ حدُّ السّيْفِ في ثقةٍ : = هذا لكَ اليومَ ياهذا وذاكَ لنا

وليس تُبصرُه الدُّنيا إذا انطفأت = عيونُ سيفِكَ ، أو قد كان مُمْتَهَنا

فأين من لاتهابُ المَوْتَ سطْوتُه = والسّيفُ يَزهو بهِ إنْ قال : نحنُ هُنا ?

يَعنو له المَوْجُ ما رامَ العُبورَ إلى = شَطِّ الحَياةِ ، وفيها يُحرِقُ السُّفُنا

ويعقرُ العيسَ إن جاز الفلاة ومن = قوافل العيس يدني الماء والمؤنا

حتى إذا صانها ممن يراودها = أرسى لمن بعده في حفظها سننا

غداً يَعودُ صلاحُ الدينِ فيكِ فتًى = وفيهِ تبْقَين في وجْهِ الحَياةِ سَنا

يُعيدُ لِلشّامِ ثوبَ الكِبْرياءِ ومِنْ = شُموخِهِ فيكِ عشقاً يرسُمُ اليَمَنا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين