شهداء الثورة السورية .. الألم والأمل..

بقلم الدكتور: أحمد بن فارس السلوم

منذ انطلقت الثورة السورية من مساجد درعا ثم تصدي القوات الهمجية لها، ومن ثم سقوط أول شهيد في هذه الثورة، بدأ مسلسل الألم عندي.
لم يكن الألم متواريا من قبل، ولا طارئا علي، فالثورة الليبية كانت ثورة حمراء، مطلية بالدم القاني، وكان سقوط أي مسلم في أي أنحاء المعمورة بالنسبة لي ألم لا ينتهي،
فأنا امرؤ إذا سمع أن أخاه المسلم قتل ظلما يشعر وكأن جزءا من جسده قد سقط..شعور ليس بيدي ولا أملك التحكم فيه.
الألم في مقتل هؤلاء الشهداء المظلومين بالنسبة لي في أمرين:
الأول: أنهم مسلمون قتلوا ظلما وعدوانا.
والثاني: انني عاجز عن نصرتهم، ليس لي طاقة ولا يد في ما يحصل، وكأن لسان حالي يقول (لا أملك إلا نفسي).
ألم نفسي يصحبني في مأكلي ومشربي ومنامي ويقظتي.
وفي كل يوم يسقط فيه شهيد، وفي كل يوم يشتد الألم فأبحث عما يعزيني ويعزي كل نفس تتألم فلا أجد إلا أن ما عند الله خير وابقى.
أقرا كثيرا قول الله عز وجل (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون) فتمنعني هذه الآية من أن أحزن ..مع أني أحب أن أحزن لما حصل ويحصل.
وأقرأ قول الله عز وجل في سورة آل عمران وهو يعزي نبيه والمؤمنين في قتلى بدر وأحد (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله
 ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المحسنين)..
للشهداء في دار الخلود الفرح ، ولنا نحن في دار الفناء الحزن، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أعزي نفسي كذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تسرح بهم في الجنة حيث شاؤوا..
قال لي أحد الأصدقاء: إن لأهل الشام شفاعة خاصة، قلت: وكيف ذاك، قال: لم يبق بيت في الشام إلا وقد قدم شهيدا، والشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته، فإذا كان عدد شهداؤنا عشرة آلاف فإن المستحقين للشفاعة
سبعبن ألفا!!
في المقابل أجد أن الشهداء هم أملنا، فكل يوم يقتل فيه شهيد هو دليل على أن الثورة يقظة وأن حياتها مستمرة وأنها بخير..
سقوط الشهداء دليل على أن الأمة حية، وأنها لن تتراجع القهقرى، وأن الشعب قد عاد إلى الله..ولماذا لا بد من سقوط الشهداء؟ لأن النظام الفاجر المجرم لا يعرف إلا القتل والإجرام..
بقدر الألم الحاصل بفقدهم فهم الأمل لهذه الأمة ..
رحمكم الله يا أيها الشهداء، لكم منا عهد أن نحفظ دماءكم الزكية، ونرعى قضيتكم المحقة..ولا نحيد عن دربكم.
وإذا لم يكن من الموت بد.....فمن العار أن تموت جبانا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين