شكوى الكبار من الأرق

كثيرا ما تسمع من كبار السن شكوى يحدثونك فيها عن قلة نومهم وخصوصا في مثل هذه الأيام ذات الليل الطويل حتى إن كثيرا منهم يراجعون العيادات المتخصصة في هذا الامر ويدفعون المبالغ الطائلة ثمنا لأدوية ليسوا بحاجة إليها غالبا وضررها أكثر من نفعها هذا إذا كانت تنفع !!

أنا لا أنكر انه قد يكون الأرق مرضا عند البعض القليل منا يحتاج معه إلى علاج ولكني واثق بأن أغلب الارق ليس مرضا وانه تحل مشكلته بدواء نبوي فعال ألا وهو قيام الليل. 

أيها الاب وأيتها الام أيها الجد والجدة: 

اعتبروا ان الأرق نعمة من الله عز وجل عليكم فبدل ان تبقوا تتململون على الفراش فترة طويلة تطلبون النوم ولا تجدونه قوموا وانهضوا فتوضؤوا وقفوا بين يدي ربكم الكريم قائمين او قاعدين وصلوا عدة ركعات واتلوا من القرآن الكريم عدة صفحات. 

وابتهلوا إلى الله عز وجل عدة دقائق فكلنا له عند الله حاجات وحاجات تخصه في رزقه او صحته او تيسير اموره او دفع الشر عنه، وافترضوا جدلا ان واحدا منا كان آمنا في سربه معافى في بدنه وعنده قوت يومه واموره ميسرة أليس من حق امته عليه - وهي المنكوبة - ان يقوم في ثلث الليل الاخير ليبتهل إلى الله عز وجل ويدعو لهذه الامة الممتنحنة -التي قرر أعداؤها إفقارها وإذلالها بل القضاء عليها - يدعو لها بالفرج ودفع البلاء عنها وهلاك عدوها وصلاح حالها ؟

ثم إن أغلبكم له اهل واولاد واحفاد واسباط واصهار اليس لهؤلاء المحبوبين عندكم- وهم قرة العين - حقا في ان تدعو الله مولاكم لهم في جوف الليل بدعوة هم بأشد الحاجة إليها فدعوة الوالد والوالدة للاولاد والاحفاد لا ترد كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم خصوصا وانتم ترون ما نزل بأكثرهم من الضائقة وقلة ذات اليد وفقد فرص العمل والتهجير والحصار إلى غير ذلك من الهموم العظيمة التي حرمتهم النوم والراحة أكثر مما حرمكم الأرق من النوم والراحة وهنا لا يفوتني ان احث الإخوة الشباب بعد الشيوخ على اغتنام ساعات السحر دعاء لله ان يعطيهم مرادهم دنيا وآخرة .

وبعيدا عن كوننا فقراء إلى الله الغني سبحانه ومحتاجين إليه في كل حال: أليس من حق ربنا علينا ان نكون ممن قال الله فيهم: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون )؟ أما قال الله في صالحي المؤمنين: (كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون ) ؟ أماوصف الله عباد الرحمن بكريم قوله: ( والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما ) ؟

أما قام صلى الله عليه وسلم من الليل وأطال القيام حتى تفطرت قدماه الشريفتين صلى الله عليه وسلم استجابة لنداء ربه الكريم ؟ ( يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه او انقص منه قليلا او زد عليه ورتل القرآن ترتيلا )

هذا وبالمناسبة فقد رؤي الإمام الجنيد البغدادي رحمه الله في المنام بعد موته فقيل له: ياجنيد ما فعل الله بك؟ فقال : ذهبت تلك العبارات وطارت تلك الإشارات وما نفعني إلا ركيعات كنت أركعها عند السحر .

وللفكاهة فإني أبشركم بأن الشيطان- وهو العدو الاكبر - لن يترككم تطيلون القيام والذكر بين يدي ربكم سبحانه لانه ولا شك يسوءه ذلك جدا وسيرسل إليكم فورا التثاؤب بعد التثاؤب لتسرعوا إلى فراشكم وتتركوا مناجاة ربكم فإياكم ثم إياكم أن يحرمكم لذة المناجاة في تلك الساعات المباركة ويا لها من لذة. 

والحمد لله رب العالمين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين