المعدِّلون المعاصرون

قالوا: قد بعثت سنة السماع والقراءة والإجازة هذه الأيام بعثة جديدة، وشهدت حِلَق الحديث وعلومه نهضة يندر لها نظير، واشتدت رغبة الأيفاع الناشئين في الطلب.

قلت: يسرني إحياء هذه المجالس وبث الروح فيها، والذي يكدره أنه أدى إلى فوضى واستهتار.

قالوا: ما الذي عنيت بما زعمت من فوضى واستهتار؟

قلت: قد برز على الساحة شيوخ يدعون سماعات وإجازات كاذبة، وظهر طلاب متهورون يجرون وراء كل من يتكلف علما لا يحمله، وينتحل إسنادا مستحيلا، ويتظاهر بعلو هو أشبه بالكذب.

قالوا: أنتم المسؤولون عن هذا الهرج والمرج.

قلت: وكيف ذلك؟

قالوا: كان الطلاب في القديم يرحلون من بلدانهم لطلب الحديث، وهم لا يميزون بين ثقات الشيوخ وضعفائهم، وكان في بغداد والبصرة والكوفة وسائر الأمصار أئمة يعدّلون ويزكُّون ويجرحون ويضعفون، فكان أولئك الطلاب يغشون مجالس هؤلاء الأئمة ويسألونهم عن الشيوخ، فكانوا – وهم أمناء نصحاء - يحثونهم على الأخذ من العدول الأثبات ويدلونهم على أسماء الحفاظ المتقين الأخيار، ويحذرونهم من الدجالين والكذابين والوضاعين ورواة الأخبار الباطلة والواهية والأحاديث المنكرة الشاذة.

قالوا: ولا يهتدي الطلاب في أيامنا هذه إلى مزكين أمناء يدلونهم على الشيوخ معدلين لهم وجارحين، فلماذا لا يتقدم شيوخ عصرنا لمساعدة الطلاب؟

قلت: الشيوخ المتصفون بالاستقامة والعدالة والضبط والإتقان يسوءهم أن يشار إليهم بالبنان، وهم يرجحون أن يعيشوا حياة الخمول والانضواء.

قالوا: فإذن لا ينبغي لك أن تشكو من الفوضى والاستهتار.

قلت: قد اقتنعت بأنه قد آن الأوان أن يتقدم المعدلون المزكون من أهل عصرنا ليفوا بهذه الحاجة الملحة ويملأوا الفراغ المشين.

قالوا: فأخبرنا عنهم.

قلت: سأخبركم عن أسمائهم وإن سخط علي أصحابي متبرمين بي وقالين لي.

وقلت: المعدلون الأمناء في عصرنا نوعان: معدلون عارفون بشيوخ عامة البلدان، ومعدلون متخصصون في قطر دون قطر.

فالنوع الأول من المعدلين الذين اتسعت معرفتهم بالشيوخ والأسانيد العالية والنازلة هم: الشيخ أحمد عاشور، والشيخ محمد زياد التكلة، والشيخ حامد أكرم البخاري، والشيخ محمد عمر النشوقاتي، والشيخ مجد بن أحمد مكي، والشيخ محمد بن عبد الله الرشيد، والشيخ نظام اليعقوبي، والشيخ صفوان الداودي، والشيخ محمد بن ناصر العجمي، والشيخ عبد الله التوم، والشيخ محمد بن أبي بكر باذيب، والشيخ خالد السباعي.

والنوع الثاني هم المتخصصون بمعرفة أسانيد قطر دون قطر، ويشاركونهم الأولون، فأعيد أسماءهم في مواضع تليق بهم.

فلأهل المغرب وتونس والجزائر وسائر بلاد إفريقيا: الدكتور حمزة الكتاني، والشيخ خالد السباعي، والشيخ محمد ححود التلمساني.

ولأهل بلاد الشام: الشيخ محمد عمر النشوقاتي، والشيخ محمد وائل الحنبلي، والشيخ محمد الشعار، والشيخ محمد الحسني، والشيخ محمد زياد التكلة، والشيخ محمد بن عبد الله الرشيد.

ولأهل السعودية ودول الخليج ومصر: الشيخ أحمد عاشور، والشيخ محمد زياد التكلة، والشيخ مجد مكي، والشيخ محمد بن عبد الله الرشيد، والشيخ حامد أكرم البخاري، والشيخ عبد الله التوم، والشيخ محمد تركي الفضلي، والشيخ ماجد الحكمي، والشيخ عمر حبيب الله، والشيخ أبو المهند، والشيخ أحمد عاصم، والشيخ أبو عبد العزيز المدني.

ولأهل اليمن: الشيخ محمد بن أبي بكر باذيب، والشيخ عادل اليماني الندوي، والشيخ محمد زياد التكلة، والشيخ محمد بن عبد الله الرشيد.

ولأهل الهند وباكستان وبنغلاديش: الشيخ أحمد عاشور، والشيخ محمد زياد التكلة، والشيخ حماد عاشق إلهي، والشيخ ماجد الحكمي، والشيخ عمر حبيب الله، والشيخ عادل اليماني الندوي، والشيخ محمد فيصل البتكلي الندوي، والشيخ ظهور أحمد الحسيني، والشيخ كفاية الله البخاري.

قالوا: هل استقصيت أسماءهم؟ 

قلت: لا، ولعلي أضيف إليهم في وقت لاحق آخرين ممن غابت أسماؤهم عني، وأرى أن فيما قدمت غنية لكم وكفاية.

قالوا: فما توصي الطلاب؟

قلت: أوصيهم أن يتصلوا ببعض من ذكرت أسماءهم قبل أن يحضروا مجالس الشيوخ الجدد ويستنصحوهم، حتى لا تضيع أوقاتهم، ولا يندموا على إهدار مساعيهم، وبطلان سماعاتهم وإجازاتهم، وأدعو الله تعالى أن يهدينا جميعا سواء السبيل.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين