الظلم يدمّر الظالمين ويُهلك الراضين عنه والسّاكتين

 

كما رأينا ارتفاع خرافة داعش قبل بضع سنين نرى اليوم انهيارها وتمزّق مُلْكها الزائف، وما مزّقها سلاحُ العدو بقَدْر ما مزقها بغيُها وظلمها الذي ارتفعت بسببه إلى السماء ألفُ ألفِ كفّ تدعو عليها وتستمطر عليها اللعنات.

 

إن دماء أبي ريان وآلاف الأبرياء الذين قتلتهم داعش ظلماً هي التي قتلت داعش، لم تقتلها طيارات ومدافع وصواريخ الأعداء. فهل تنتظرون أن يضيع دم مازن قسوم ودماء مئات الأبرياء الذين قتلهم الغلاة الآخرون؟ لا والله، بل إنها ستكون سبباً في هلاكهم وهلاك مَن أيّدهم ودافع عنهم وشاركهم في ظلمهم وسكت عمّا اقترفته أيديهم من بغي وإجرام.

 

الظالمون جميعاً إلى هلاك قريب، لن تدفع عنهم قوّتُهم وأسلحتهم قدرَ الله ولن تنجّيهم من سوء المصير، فإن سهام الأسحار أقوى من كل السلاح الذي يملكون. لقد نافست سجونُ بعض الفصائل سجونَ النظام في الظلم والتغييب والتعذيب، فأين يذهب الظالمون من دعاء المظلومين؟ حتى كرامُ المجاهدين لم يَسْلموا من الظلم. أين الرجل الشهم أبو عبد الله الخولي الذي خُطف غدراً وسُجن ظلماً وهو من السابقين المشهود لهم في ساحات الجهاد؟ لو نجوتَ من سؤالنا اليوم يا جولاني فلن تنجو غداً من سؤال العزيز الجبار. إنّ كل يوم ينقضي من نعيمك ينقصُ من بؤسه، والموعد الصراط، والحَكَم هو الله.

 

*   *   *

 

إن الظلم يُسقط الدول ويفتك بالجماعات، وإنها ليفتك بها أيضاً استمراء الظلم وسكوت الأغلبية عن الظالمين والدفاع عنهم والتبرير لظلمهم وتشجيعهم على الاستمرار في الظلم والبغي والعدوان.

 

سوف تنتصر ثورتنا عندما نتحرك بشجاعة لردع الظالم عن ظلمه وإجباره على سلوك طريق العدل والحق، فإن ديننا العظيم يعلّمنا أن وقف الظالم عن ظلمه وقَسْره على الحق وردّه إليه ليس ترفاً اختيارياً، بل هو فرض لازم وتكليف واجب، فمَن لم يفعل فمصيره هو التنازع والخلاف في الدنيا واللعنة في الآخرة: "لتَأمُرُنّ بالمعروف ولَتَنْهَوُنّ عن المنكر، ولَتَأخُذُنّ على يد الظالم ولتَأطُرُنّه على الحق أطْراً ولَتَقصُرُنّه على الحق قَصْراً، أو لَيَضربَنّ الله بقلوب بعضكم على بعض، ثم لَيَلعنكم كما لعنهم".

 

فأما الخلاف وتفرّق القلوب فقد رأيناه، فلا يُرجى تآلفٌ بين الساكتين عن الظلم، الذين جاملوا الظالمين أو هابوهم فتركوهم وظلمَهم ولم يأخذوا على أيديهم ولم يَقْصروهم على الحق. نعم، رأينا كيف ضرب الله بقلوب بعضهم على بعض فلا يتآلفون أبداً، وبقيت اللعنة التي وعدهم بها الله، وإنها آتيةٌ لا ريب وسوف تلاحقهم إلى قبورهم، فإن وعد الله حق، لا يخلف الله الميعاد.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين