الطاعة العمياء والطاعة المبصرة

 

ذكر الإمام ابن الجوزي ، في كتابه [تلبيس إبليس ] أن ملكشاه جلال الدين أرسل رسولا إلى الحسن بن الصباح [رأس الباطنية] يدعوه فيها إلى الطاعة ، و يتهدده إن خالفه و يأمره بالكف عن بث أصحابه لقتل العلماء و الأمراء ؟! فقال ابن الصباح للرسول : الجواب ماتراه! فأومأإلى شاب و قال له : اقتل نفسك ؟!

 

فجذب سكينة ، و ضرب بها غلصمته فخرَّ ميتا ؟!!

 

و قال لآخر : ارمِ نفسك من القلعة فرمى نفسه ، فتمزق ؟!!

 

ثم التفت إلى رسول السلطان ، فقال : أخبره أن عندي من هؤلاء عشرين ألفاً ، هذا حدُّ طاعتهم !

 

ثم تمادى الخبيث في قتل العلماء و الأمراء ، و قد أقدم على قتل ولديه في أثناء حياته ؟!

 

و هؤلاء يطلق عليهم [الحشاشون] اتخذوا من القتل وسيلة لهم ، و قاموا بحركة اغتيالات واسعة ؟!!وهم نموذج صارخ للطاعة العمياء ؟!

 

و أما الطاعة في الإسلام فهي الطاعة المبصرة التي تمثلها مناسبة هذا الحديث الذي أخرجه البخاري [ إنما الطاعة في المعروف] 

 

" بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية و استعمل عليهم رجلا من الأنصار، و أمرهم أن يسمعوا له و يطيعوا , فأغضبوه في شيء , فقال : اجمعوا لي حطبا، فجمعوا له , ثم قال . أوقدوا نارا , فأوقدوا , ثم قال : ألم يأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسمعوا لي و تطيعوا ? قالوا : بلى , قال : فادخلوها! 

 

قال : فنظر بعضهم إلى بعض فقالوا ( و في رواية :فقال لهم شاب ) إنما فررنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار ( فلا تعجلوا حتى تلقوا النبي صلى الله عليه وسلم , فإن أمركم أن تدخلوها فادخلوها ) فكانوا كذلك , و سكن غضبه و طفئت النار , فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ،فقال : لو دخلوها ما خرجوا منها , إنما الطاعة في المعروف " .

 

فليتق الله الذين أمَّـروا أنفسهم على الناس بغير حق ، مستغلين حماس الشباب ، و جهلهم المشوب بالصدق .. فلا يوردوهم موارد الهلاك بقتل أنفسهم و قتل المسلمين ؟!

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين