السؤال الخطأ

كتب إلي أحد الإخوة يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كيف الحال ورد سؤال لماذا عدة المطلقة ثلاثة شهور وعدة المتوفى عنها زوجها 4 شهور وعشرة ايام؟.

وأقول في جوابه:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. حياك الله. هذا السؤال خطأ من ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: أن عدة المطلقة ليست ثلاثة أشهر بإطلاق، وإنما (الثلاثة أشهر) هي إحدى العدد الثلاث للمطلقات، فإن كانت المطلقة صغيرة دون سن الحيض، أو كبيرة فوق سن اليأس، فعدتها ثلاثة أشهر، كما جاء في السؤال، والدليل قوله تعالى: (وَٱلَّـٰۤـِٔی یَىِٕسۡنَ مِنَ ٱلۡمَحِیضِ مِن نِّسَاۤىِٕكُمۡ إِنِ ٱرۡتَبۡتُمۡ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَـٰثَةُ أَشۡهُرࣲ وَٱلَّـٰۤـِٔی لَمۡ یَحِضۡنَۚ) [سورة الطلاق 4]، وإن كانت المطلقة حاملاً، فعدتها وضع الحمل، حتى ولو وضعت بعد إيقاع الطلاق بلحظة، والدليل قوله تعالى في نفس الآية السابقة: (وَأُو۟لَـٰتُ ٱلۡأَحۡمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن یَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ ) [سورة الطلاق 4]، وإن كانت المطلقة من ذوات الحيض، فعدتها ثلاثة قروء، أي: "أن تحيض وتطهر ثلاث مرات" والدليل قوله تعالى: (وَٱلۡمُطَلَّقَـٰتُ یَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَـٰثَةَ قُرُوۤءࣲۚ) [سورة البقرة 228].

الوجه الثاني: أن عدة المتوفى عنها زوجُها ليست أربعة أشهر وعشرا بإطلاق، وإنما هي إحدى عدتيها، وذلك إن لم تكن ذات حمل، فأما إن كانت المتوفى عنها حاملا، فعدتها وضع الحمل، حتى ولو كان وضعها بعد وفاة زوجها بلحظة، جمعا بين الآيتين، آية سورة البقرة: (وَٱلَّذِینَ یُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَیَذَرُونَ أَزۡوَ ٰ⁠جࣰا یَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرࣲ وَعَشۡرࣰاۖ) [سورة البقرة 234]، وآية سورة الطلاق: (وَأُو۟لَـٰتُ ٱلۡأَحۡمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن یَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ ) [سورة الطلاق 4].

الوجه الثالث: أن السؤال لماذا العدة كذا... خطأ من أصله، لأن الله تعالى لا يُسال عما يفعل. كما قال سبحانه: (لَا یُسۡـَٔلُ عَمَّا یَفۡعَلُ وَهُمۡ یُسۡـَٔلُونَ) [سورة الأنبياء 23]

والسؤال الصحيح: ما الدليل على أن العدة كذا؟

وقد ذكرنا الأدلة على عِدَد الطلاق، وعِدَد الوفاة بأنواعها.

أما إن كان السؤال: ما الحكمة من هذا التنويع في مُدَد العِدَد على النحو الذي سبق؟

فجواب هذا السؤال متعدد بعَدَد من يجيبون عليه. وكلها أجوبة اجتهادية إنشائية لا يُعَوَّل على شيء منها، لأنها ليس عليها دليل نصِّي، ولأنها تفتح أبواب أسئلة لا نهاية لها. 

مثل: لماذا صلاة المغرب ثلاث ركعات، والعشاء أربع؟

ولماذا الجمعة مرة في الأسبوع؟

ولماذا كلمات الأذان والإقامة مشتملة على التهليل والتكبير، خالية من التحميد والتسبيح؟ 

ولماذا كان الطواف والسعي سبعة أشواط، وليس عشرة مثلا؟

ولماذا؟ ولماذا؟...

ويغنينا عن كل تلك الأسئلة، وعن كل أجوبتها الإنشائية الاجتهادية الفضفاضة، أن نقول: إنها أحكام تعبدية.

الحكمة منها أن نذعن طائعين، ولو لم نعرف الحكمة، مع يقيننا بأنها في غاية الحكمة، لأنها تشريع الحكيم العليم سبحانه.

وحقا نقول في الختام: الله أعلم.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين