الدعاء بالشرب من اليد الشريفة

أحد الأصدقاء أرسل إلي المنشور التالي يقول: ما رأيك في هذا؟

من الأخطاء في الأدعية اللّهم اسقنا من يده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبدا!!.

قال الشيخ العلاّمة صالح الفوزان حفظه الله :

يعتقد كثير من الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يسقي من ماء ذلك الحوض ، لذا نسمع و نقرأ في دعائهم :

"واسقنا من يده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبدا"

وهذا الإعتقاد خطأ لأسباب:

1 - عدم ثبوت ذلك في جميع روايات أحاديث الحوض.

2 - ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه من ورد الحوض، شرب منه، فعلق الشرب في الحديث على وُرُودِه، وليس على سُقْيا النبي صلى الله عليه وسلم له.

3 - أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر أن عدد آنيته بعدد نجوم السماء، وهذا يُشير إلى أن كل من يرده يشرب بنفسه.

شرح العقيدة الطحاوية، شريط رقم 14.

فكتبتُ في جوابه:

أرى أنه تخطئة ما ليس بخطأ.

فإن الذين يدْعون بهذا الدعاء لم يدَّعوا أنه دعاء مأثور.

ولكنهم يرجون من فضل الله ومن عظيم جوده.

وما ذلك على الله بعزيز.

ولم يقل أحد: بأن الشرب من الحوض لا يكون إلا بيد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أن مَن لم يُسْقَ من الحوض باليد الشريفة، فهو محروم من الشرب منه.

وكون آنية الحوض بعدد نجوم السماء، لا يمنع أن يُخَصَّ أناس من المؤمنين بالشرب من يد النبي صلى الله عليه وسلم، استجابة لدعائهم، أو تكريما لشأنهم.

ولا دليل على المنع من ذلك في كتاب ولا سنة.

وكنتُ قد نشرتُ هذا التعقيب على إحدى صفحات الواتس، التي تضم كوكبة من طلبة العلم، فعقَّب أحدهم بذِكر إضافة مهمة أنشرها لتعمّ الفائدة.

كاتب التعقيب هو الأخ الباحث الدكتور رياض منسي العيسى. الذي كتب:

جزاكم الله خيرا

قد ثبت عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في إحدى روايات الحوض = قولُهُ: «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ، لَيُرْفَعَنَّ إِلَيَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ، حَتَّى إِذَا أَهْوَيْتُ ((لِأُنَاوِلَهُمْ)) اخْتُلِجُوا دُونِي، فَأَقُولُ: أَيْ رَبِّ أَصْحَابِي، يَقُولُ: لاَ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ».أخرجه البخاري في «صحيحه»

وقال القاضي عياض في «مشارق الأنوار على صحاح الآثار» (2/ 32، 273):

«وَقَوله (أهويت لأناولهم): أَي أسقيهم بِيَدَيَّ»اهـ

وهذا الشيخ ابن تيمية ذكر في «الإخنائية» ص (290) قول الإمام أحمد وهو يوصي تلميذه «المروذي»-؛ قال: «... ثم ائت قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فقل: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، ... اللهم احشرنا في زمرته، وتوفنا على سنته، وأوردنا حوضه، ((واسقنا بكأسه)) مشربًا رَوِيًّا لا نظمأ بعدها أبدًا»اهـ.

والحق أني اغتبطتُ جدا بهذه الإضافة العلمية القيِّمة، فكتبتُ لصاحبها:

الله الله الله! يا سلام عليك! لو كنتُ عندك لقبَّلتُ رأسك، وهو عندي قليل، على هذه الإضافة النفيسة الرئيسة التي أسعدَتْني وأطربَتْني جدا.

فهي أهم ما في البحث، بل هي محوره ومقصوده الأعظم.

شكر الله لك، وجزاك المزيد من العلم والفضل والأجر.

تالله ما أنفع مذاكرة العلم، ومراجعته بين طلابه!

اللهم اسقنا من حوض الحبيب صلى الله عليه وسلم، بيده الشريفة، شربة هنيئة مريئة، لا نظمأ بعدها أبدا حتى ندخل الجنة.

هذا والله أعلم.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين