الانقلاب التركي.. أسباب قيامه وأسباب فشله

 

        كما كانت تتوقع كل الأوساط السياسية، انقلبت بعض فصائل الجيش التركي على الحكومة المدنية التي يقودها حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان. ومحاولة الانقلاب هذه لم تكن الأولى، ولكنها الوحيدة التي وصلت مراحلها الأخيرة، وقد كادت بخيوطها الدقيقة، وعنصر المفاجأة فيها أن تقلب نظاما حكم البلاد أكثر من أربعة عشر عاما، في وسط سيطرت عليه علمانية عسكرية عقودا عديدة.  

        هذا الزلزال المتوقع لم يأت من فراغ، ولم يفشل بدون عوامل كبرى، فما أسباب قيامه؟ وما أسباب فشله؟

في السطور التالية دراسة عجلى لبعض هذه الأسباب من وجهة نظر شخصية:

 

*أولا: أسباب محاولة الانقلاب*:

 

1- امتعاض العسكر من الحضور الكبير للحكومة المدنية، وتقلص دور المؤسسة العسكرية بعد أن كانت تقود البلاد عبر تاريخ تركيا الحديث.

 

2- بروز التيار الإسلامي المعتدل على حساب العلمانية التي كانت تتسم بها تركيا بعد الحقبة الكمالية، وهو ما أزعج هذه التيارات.

 

3- انزعاج الدول الغربية من النجاحات التركية التي حققتها حكومة حزب العدالة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والعسكري.

 

4- غضب بعض الدول الإقليمية لاصطفاف حكومة العدالة مع الحكومة المصرية المقالة، ومناوءتها للإدارة الجديدة.

 

5- وقوف حكومة العدالة مع الثورة السورية، ومناهضتها لكثير من المشاريع التي كانت ترسم للمنطقة.

 

6- التحرك الكردي في الجنوب، واختلاق أزمات وتفجيرات، هدفها ضرب الاقتصاد التركي في موسم السياحة.

 

7- دأب الكيان الموازي الذي يتزعمه فتح الله كولن على تأليب الداخل والخارج على حكومة العدالة.

 

8- البطء في تطهير المؤسسة العسكرية من جيوب الحرس القديم، وبعض عسكريي الأقليات المناهضين لحكومات العدالة والتنمية.  

 

        هذه بعض أسباب قيام هذا الانقلاب وما سبقه من محاولات، أما أسباب فشل هذه الانقلابات، فيعود برأيي إلى ما يأتي:

 

*ثانيا: أسباب فشل الانقلاب*:

 

1- الالتفاف الشعبي الكبير حول الحكومة الشرعية التي انتخبها بملء إرادته.

 

2- الاستجابة الفورية لجميع أفراد الشعب على اختلاف انتماءاتهم ومشاربهم لنداء رئيس الدولة.

 

3- اصطفاف الأحزاب المؤيدة والمعارضة حول الحكومة، ومعارضتهم لعودة البلاد لسياسة الانقلابات.

 

4- بناء جسور الثقة والتواصل بين الحكومة وأفراد الشعب.

 

5- الاعتماد على الشرطة والجندرمة حتى في أحلك الظروف، وليس على طيران الجيش ودباباته ومدرعاته.

 

6- رص الجبهة الداخلية والاتكاء على ولائها، وعدم الاعتماد على الخارج وحساباته النفعية.

 

7- الآثار الإيجابية الملموسة التي خلفها حزب العدالة على الأرض في المجال الاقتصادي والتجاري والاجتماعي، مما لا تنكره عين محب غال، ولا حاقد قال. 

 

8- النزعة الإسلامية المعتدلة التي انتهجها الحزب، دون إهمال للمظهر المدني الديمقراطي بمقاساته العالمية المقبولة. 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين