أين نساء العالم من تضامن المرأة القطرية مع المرأة السورية؟!


د/ خالد حسن هنداوي
 
لقد كانت خطوة مباركة تلك التي طرحتها إحدى سيدات الأعمال القطريات الأخت سهيلة ربيعة الحارب وبعض الأخوات مشكورات مع الأستاذة بثينة عبد الجليل والدكتور خالد هنداوي أن تقوم النساء القطريات بيوم تضامني مع شقيقاتهن السوريات في قطر بالدوحة لدعمهن في الداخل والمخيمات في المهجر بمناسبة يوم الأم العالمي بتاريخ 21/3/2013 من كل عام، وانعقد الملتقى بتاريخ 23/3/2013 في النادي الدبلوماسي ليؤكد أنه يوم مناصرة المرأة السورية العالمي، أما الأم فإن كل لحظة هي عيد لنا معها نحن العرب والمسلمين لا كما تشاء التقاليد الغربية أن تجعله يوما واحدا في العام، ولقد جاء يوم التضامن هذا متزامنا مع ذكرى انطلاق الثورة السورية المجيدة في مارس 2011م ليؤكد اصطفاف المرأة القطرية إلى جانب أختها السورية وأنها ليست وحدها في محنتها المريرة التي تعاني منها منذ عامين وقد دخلت في العالم الثالث، وقد كان من حسن الطالع أن يكون هذا الملتقى برعاية سماحة العلامة الإمام يوسف القرضاوي حيث افتتحه رغم ارتباطه بسفر عاجل وأكد على أهمية دور المرأة في كل مجالات الثورة منبها أن الثورة السورية يجب أن تكون قضية كل إنسان شريف وحر في العالم وشجع على الدعم المالي وافتتحه بتبرع خمسين ألف ريالا قطريا عنه وعن بناته، كما تحدث سعادة الأخ السفير السوري الجديد في قطر نزار حسن الحراكي عن دور المرأة السورية وأنه الأكثر نقاء في ثورة الحرية، كما أبان سعادة السفير السوري الجديد في المملكة المتحدة حيث دعي إلى الملتقى أن المرأة السورية قدمت الكثير من التضحيات منذ نصف قرن من الزمان وامتحنت في عهد حافظ الأسد الذي زج بأكثر من ثلاثة آلاف امرأة في السجون وقتل وعذب وانتهك كرامتهن وأقداسهن وقد كتبت الأخت هبة الدباغ كتابها بعنوان: خمس دقائق تسع سنين، وصفت سجت النساء بالمعاملة الفظيعة، ثم جاء عهد ابنه امتدادا لجرائمه ضد المرأة حتى وصل عدد المعتقلات في إحصاء أخير إلى 6400 بالإضافة إلى استشهاد 7460 من جميع المدن السورية ذبح قسم منهن بالسكاكين بالإضافة إلى اختطاف أكثر من 1500 حرة طلبا للفدية المالية وممارسة الدناءات، وقالت الناشطة الدكتورة فلك طه: إن النساء السوريات أذهلن العالم بصبرهن وقوتهن، وأكدت الدكتورة موزة المالكي أن المرأة السورية تشبه اليوم طائر الفينيق الذي يولد كل يوم من جديد من خلال تحديها الموت المؤكد، وأثنى سعادة السيد عبد الله بن حمد العطية رئيس هيئة الرقابة الإدارية والشفافية حاليا ونائب رئيس الوزراء سابقا على هذه المبادرة المبتكرة لدعم المرأة القطرية لشقيقتها السورية مؤكدا أن هذه وقفة نفسية واجتماعية رائعة في وقت الضيق والشدة وتمنى أن تعمم هذه الفكرة على جميع البلاد، وتحدثت من الداخل السوري إحدى الفتيات الناشطات شارحة المآسي والانتصارات من خلال معاينتها للمشهد، كما تحدثت الأخت الداعية أم عصام عن معاناة المرأة السورية في المخيمات بالأردن وخصوصا مخيم الزعتري ونوهت بأن ثمة مخيمات غيره منسية تماما كذلك من الخدمة والدعم، وأكد الدكتور سمير الحجاوي ما تقاسيه المرأة الفلسطينية في مخيم اليرموك في دمشق من قصف وتشريد وأنها تشارك فعليا أختها المرأة السورية في الألم والأمل، وإننا لنلحظ من خلال تلك الخطب والمقالات والأناشيد وعروض الأفلام والصور المؤثرة جدا أن المرأة السورية مثلت بحق اليوم دور المنارة في الظلام والدرع الحصين لحماية البيت السوري وأنها عززت موقفها من خلال الثورة بأن أنتجت مصانع الرجال والأجيال والأبطال أمام أعتى جبروت عسكري مدعوم من اسرائيل وايران وروسيا وحزب الله ومالكي العراق وبعض البلاد المنافقة الأخرى العربية والدولية، وأخذت هذه المرأة تهز العالم بيمناها ويسراها حيث أصبحت وقود الثورة التي هي أنثى والأنثى ثورة، فلا غرابة أن يفرد لها الشعب جمعة خاصة بها هي جمعة الحرائر وهكذا توضحت بشكل بارز معاناة المرأة السورية في هذا الملتقى وأنها تقوم بأعباء وأحمال وأثقال وهموم تنوء بها الجبال الراسيات في الداخل ثم الخارج، وأهم ذلك الاعتقال المهين مع التعذيب الوحشي الحسي والمعنوي والاعتداء عليها بشتم عقيدتها وأخلاقها بل ممارسة ما حرم الله كما حدث في بابا عمرو وكرم الزيتون بحمص وغيرها في سورية حتى سأل أحد المواطنين أحد العلماء على الشاشة المباشرة يا شيخ هل الوطن أهم أم العرض؟ ويكفي ما عانته إحدى المعتدى عليهن بقولها: شكوناهم إلى الواحد الأحد إنه لا يوجد وحوش في العالم مثل هؤلاء ولقد كانت أول شيهدة في الثورة حميدة النطراوي من تلبيسية لتذكرنا بأول شهيدة في الإسلام سمية رضي الله عنها ثم تبعها ثماني شهيدات في بانياس بالساحل حيث قتلت في أول المرحلة السلمية للثورة خلال المظاهرة ثم قتلت الآلاف بالرصاص والقنص والحرق والتعذيب والقصف فإذا ما ذهبت إلى المخيمات في الحدود التركية والأردن ولبنان والعراق رأيت أن نسبة 70% فيها هم من النساء والأطفال طبقا لتقارير الأمم المتحدة يعانون المحن، وقد زاد عدد النازحين في الداخل والخارج عن خمسة ملايين إنسان يحتاجون إلى أبسط مقومات الحياة، لكننا نرى مع كل هذه المآسى والويلات –كما قدمنا- دورا رائدا للمرأة السورية في مصيبتها حيث تقدمت ناشطات بارزات وحملن همها في الثورة وأقمن حراكات عديدة ومنظمات تعنى بشؤونها، مثل رابطة المرأة السورية (سوا) ذات الفروع العديدة، ومنظمة (نسوة) ومنظمة النساء السوريات الحرات وغيرهن، يقمن قدر الاستطاعة بدعم الجانب الإغاثي والطبي والتعليمي، وأما عن دورهن العسكري فقد انخرطن في صفوف الجيش الحر وأقمن كتائب خالد باسم بنات خالد وكان من أشهرهن ثويبة كنفاني وأميرة عرعور وجيفارا المقاتلة وبرزت القناصات مؤخرا حتى بلغ عدد المشاركات الميدانيات المئآت يثبتن الأبطال ويتقدمن الصفوف، ولذا فإننا نشكر كل الشكر من قمن بهذه المبادرة في قطر للتضامن مع أخواتهن وأخذ دورهن مثلهن ومشاركتهن في التحدي حتى أصبحت المرأة السورية والقطرية بقلبيهما في قلب واحد والحمد لله.
 وكان من أهم التوصيات في الملتقى الاستمرار بدعم المرأة السورية دوما وليس يوما وبكافة الأنواع والمجالات والمظاهر الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية والسياسية والإعلامية، وكذلك التوصية بتشكيل الورش ولجان العمل المتخصصة ضمن جمعية قطرية سورية لهذا الغرض، وكذلك ترتيب الزيارات الميدانية للاطلاع عن كثب، وكذلك مناشدة الهيئآت الحقوقية الدولية والأهلية للكشف عن أحوال المعتقلات والمطالبة القانونية بالإفراج عنهن، وكذلك إنشاء موقع الكتروني خاص بالمرأة القطرية السورية وإنشاء لجنة للتواصل والمتابعة، وكذلك اغتنام فرصة انعقاد القمة العربية في الدوحة للتذكير بأحوال المرأة السورية والتأكيد على دعمها وحمايتها من الوحوش القتلة، وهذا ما نبهت إليه الدكتورة عائشة المناعي عميدة كلية الشريعة سابقا ونائبة رئيس البرلمان العربي من أن قلوب العرب والمسلمين تعتصر ألما للمحنة الكارثية التي تعانيها المرأة السورية مبشرة أن البرلمان العربي سيعقد جلساته في سورية بعد النصر بإذن الله، وهكذا كانت هذه الفعالية ممتعة بموضوعاتها حقا في اليوم التضامني الذي شعرنا فيه أن دور المرأة إنما هو كدور النحلة التي لا تعطينا إلا العسل، فيا لها من إنسان رائع يجب أن يدعم ويخدم لأن مساندته في هذه الثورة فريضة شرعية كما أكد الدكتور علي محي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين