أفضل الكلام وأحبه إلى الله -19-

(رابعًا)

(الله أكبر)

(1/6)

 

 

(1)

الأذان

 

عن عبدالله بن زيد قال:

 

لـمَّا أمرَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ بالناقوسِ يُعمَلُ ليُضرَبَ به للناسِ لجمعِ الصلاة، طافَ بي وأنا نائمٌ رجلٌ يَحملُ ناقوسًا في يده، فقلت: يا عبدَ الله، أتبيعُ الناقوس؟ 

قال: وما تصنعُ به؟ 

فقلت: ندعو به إلى الصلاة. 

قال: أفلا أدلُّكَ على ما هو خيرٌ من ذلك؟ 

فقلتُ له: بلى. 

قال: فقال: تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهدُ أنْ لا إله إلا الله، أشهدُ أنْ لا إله إلا الله، أشهدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ الله، أشهدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ الله، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح، حيَّ على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله. 

قال: ثم استأخرَ عنِّي غيرَ بعيد، ثم قال: ثم تقولُ إذا أقمتَ الصلاة: الله أكبر، الله أكبر، أشهدُ أنْ لا إله إلا الله، أشهدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ الله، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح، قد قامتِ الصلاة، قد قامتِ الصلاة، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله. 

فلمَّا أصبحتُ أتيتُ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، فأخبرتهُ بما رأيت، فقال: "إنها لرؤيا حقٌّ إنْ شاءَ الله، فقُمْ مع بلالٍ فألقِ عليه ما رأيت، فليؤذِّنْ به، فإنه أندَى صوتًا منك". 

فقمتُ مع بلال، فجعلتُ أُلقيهِ عليه، ويؤذِّنُ به. 

قال: فسمعَ ذلكَ عمر بنُ الخطاب رضيَ الله عنه وهو في بيته، فخرجَ يجرُّ رداءه، يقول: والذي بعثكَ بالحقِّ يا رسولَ اللهِ لقد رأيتُ مثلَ ما أُرِيَ. 

فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: "فللَّهِ الحمد".

 

سنن أبي داود (499) وذكر أنه حسنٌ صحيحٌ في صحيح سننه، سنن الترمذي (189) وقال: حديثٌ حسنٌ صحيح. سنن ابن ماجه (706) وحسَّنه في صحيح سننه، صحيح ابن خزيمة (363). واللفظُ للأول.

 

طافَ بي: هو الخيالُ الذي يُلِمُّ بالنائم.

أشهد: أعلمُ وأبين. وقالَ الزجَّاج: هو تيقُّنُ الشيءِ وتحقُّقه.

حيَّ: هلمَّ.

الفلاح: الفوز.

رؤيا حقّ: أي ثابتةٌ صحيحةٌ صادقةٌ مطابقةٌ للوحي، أو موافِقةٌ للاجتهاد.

أندَى: أرفع.

قالَ الخطابي: فيه دليلٌ على أن كلَّ مَن كان أرفعَ صوتًا كان أولَى بالأذان؛ لأن الأذانَ إعلام، وكلُّ مَن كان الإعلامُ بصوتهِ أوقعَ كان به أحقَّ وأجدر( ).

 

(2)

استحباب القول مثل قول المؤذن

 

عن عمر بنِ الخطاب رضيَ الله عنه قال:

 

قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "إذا قالَ المؤذِّنُ: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، فقالَ أحدُكم: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ثمَّ قالَ: أشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، قالَ: أشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، ثمَّ قالَ: أشهدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ الله، قالَ: أشهدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ الله، ثمَّ قالَ: حيَّ على الصَّلاةِ، قالَ: لا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا بالله، ثمَّ قالَ: حيَّ على الفلاح، قالَ: لا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا بالله، ثمَّ قالَ: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، قالَ: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ثمَّ قالَ: لا إلهَ إلَّا اللهُ، قالَ: لا إلهَ إلَّا اللهُ، مِن قلبِهِ، دخلَ الجنَّة".

 

صحيح مسلم (385).

 

قالَ القاضي عياض: إنما كان كذلكَ لأن ذلكَ توحيد، وثناءٌ على الله تعالى، وانقيادٌ لطاعته، وتفويضٌ إليه – لقوله: لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله - فمن حصَّلَ هذا فقد حازَ حقيقةَ الإيمانِ وكمالَ الإسلام، واستحقَّ الجنةَ بفضلِ الله تعالى( ).

 

(3)

تكبيرة الإحرام

 

عن أبي حميد الساعدي قال:

 

كان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ إذا قامَ إلى الصلاة، استقبلَ القِبلة، ورفعَ يدَيه، وقال: "الله أكبر".

 

سنن ابن ماجه (803) وصححه في صحيح سننه. وأولُ حديثٍ عند ابن حبان في صحيحه (1870)، وذكر الشيخ شعيب أن إسنادَهُ صحيحٌ على شرطِ البخاري.

 

(4)

تكبير في الصلاة

 

عن أبي هريرة قال:

 

كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا قال: "سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ"، قال: "اللَّهُمَّ ربَّنا ولكَ الحَمدُ". وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا ركعَ، وإذا رفعَ رأسَهُ، يُكبِّرُ، وإذا قامَ مِن السَّجدتَينِ قال: "اللهُ أكبَرُ".

 

صحيح البخاري (762).

 

وإذا قامَ مِن السَّجدتَينِ قال: "اللهُ أكبَرُ": يُحمَلُ على أن المعنَى: إذا شرعَ في القيام( ).

 

(5)

تكبير.. وتكبير

 

عن أبي سلمة بنِ عبدالرحمن:

 

أنَّ أبا هريرةَ كان يُكبِّرُ في كلِّ صلاة، من المكتوبةِ وغيرِها، في رمضانَ وغيرِه، فيُكبِّرُ حينَ يقومُ، ثم يُكبِّرُ حين يركع، ثم يقول: سَمِعَ اللهُ لمَن حَمِدَه، ثم يقول: ربَّنا ولكَ الحمدُ، قبلَ أن يسجدَ، ثم يقول: اللهُ أكبرُ، حين يَهوي ساجدًا، ثم يُكبِّرُ حين يرفَعُ رأسَهُ من السجود، ثم يُكبِّرُ حين يسجد، ثم يُكبِّرُ حين يرفَعُ رأسَهُ من السجود، ثم يُكبِّرُ حين يقومُ من الجلوسِ في الاثنتين، ويَفعلُ ذلك في كلِّ ركعة، حتى يفرَغَ من الصلاةِ. 

ثم يقولُ حين ينصرِف: والذي نفسي بيدِهِ إني لأقربُكم شبَهًا بصلاةِ الرسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، إنْ كانت هذه لَصَلاتُهُ حتى فارَق الدنيا.

 

صحيح البخاري (770).

 

(6)

سؤال عن صلاته عليه الصلاة والسلام

 

عن واسع بن حبان:

 

أنه سألَ عبدالله بنَ عمرَ عن صلاةِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: "الله أكبر" كلَّما وضع، "الله أكبر" كلَّما رَفع، ثم يقول: "السلامُ عليكم ورحمةُ الله" عن يمينه، "السلامُ عليكم ورحمةُ الله" عن يساره.

 

سنن النسائي (1320) وصحح إسنادَهُ في صحيح سننه. مسند أحمد (6397) وذكر الشيخ شعيب أن إسنادهُ صحيحٌ على شرط الشيخين، مسند أبي يعلى (5764) وكذا صححه محققه.

 

(7)

تكفير الخطايا وزيادة الحسنات

 

عن أبي سعيد الخدري:

 

أنه سمعَ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ يقول: "ألا أدلُّكم على شيءٍ يُكفِّرُ اللهُ به الخطايا، ويَزيدُ في الحسنات"؟ 

قالوا : بلى يا رسولَ الله. 

قال: "إسباغُ الوضوءِ عند المكارِه، وكثرةُ الخُطا إلى المساجد، وانتظارُ الصلاةِ بعد الصلاة. 

ما منكم مِن رجلٍ يَخرجُ من بيتهِ متطهِّرًا، فيصلِّي مع المسلمين الصلاةَ الجامعة، ثم يَقعدُ في المسجدِ ينتظرُ الصلاةَ الأخرى، إلا الملَكُ يقول: اللهمَّ اغفرْ له، اللهمَّ ارحمه. 

فإذا قمتُم إلى الصلاةِ فاعدلُوا صفوفَكم وأقيموا، وسُدُّوا الفُرَج، فإني أراكم من خلفي وراءَ ظهري. 

فإذا قالَ إمامُكم: اللهُ أكبرُ، فقولوا: اللهُ أكبر، وإذا ركعَ فاركعوا، وإذا قال: سمعَ اللهُ لمن حمده، فقولوا: ربَّنا لكَ الحمد. 

وإنَّ خيرَ صفوفِ الرجالِ المقدَّمُ، وشرَّها المؤخَّرُ، وخيرَ صفوفِ النساءِ المؤخَّرُ، وشرَّها المقدَّمُ. 

يا معشرَ النساء، إذا سجدَ الرجالُ فاخفِضْنَ أبصارَكُنَّ، لا ترَيْنَ عوراتِ الرجالِ من ضيقِ الأُزُر".

 

مسند أبي يعلى (1355) وذكر الشيخ حسين أسد أن إسناده حسن، صحيح ابن خزيمة (356)، المستدرك على الصحيحين (689) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، مسند أحمد (11007).

 

ويرفعُ به الدرجات: أي يُعلي به المنازلَ في الجنة.

إسباغ الوضوء: أي إتمامهُ وإكماله، باستيعابِ المحلِّ بالغسل، وتطويلِ الغُرَّة، وتكرارِ الغسلِ ثلاثًا. 

المكاره: المشقة، أي: يتوضَّأُ مع بردٍ شديد، وعللٍ يتأذَّى معها بمسِّ الماء، ومع إعوازهِ، والحاجةِ إلى طلبهِ، والسعي في تحصيله. 

وكثرةُ الخُطا إلى المساجد: تكونُ ببُعدِ الدارِ، وكثرةِ التكرار.

وانتظارُ الصلاة: أي وقتها أو جماعتها. يعني إذا صلَّى بالجماعةِ أو منفردًا، ثم ينتظرُ صلاةً أخرى، ويعلِّقُ فكرَهُ بها، بأن يجلسَ في المجلس، أو في بيتهِ ينتظرها، أو يكونُ في شغلهِ وقلبهُ معلَّقٌ بها( ).

فإني أراكم من خلفي وراءَ ظهري: قالَ المحقِّقون: الصوابُ المختارُ أنه محمولٌ على ظاهره، وأن هذا الإبصارَ إدراكٌ حقيقيٌّ خاصٌّ به صلَّى الله عليه وسلَّم، انخرقتْ له فيه العادة( ).

والمرادُ بشرِّ الصفوفِ في الرجالِ والنساءِ أقلُّها ثوابًا وفضلًا، وأبعدُها من مطلوبِ الشرع، وخيرُها بعكسه. 

وإنما فُضِّلَ آخِرُ صفوفِ النساءِ الحاضراتِ مع الرجالِ لبُعدهنَّ من مخالطةِ الرجالِ ورؤيتِهم، وتعلُّقِ القلبِ بهم عندَ رؤيةِ حركاتهم، وسماعِ كلامِهم، ونحوِ ذلك، وذمُّ أولِ صفوفِهنَّ لعكسِ ذلك. والله أعلم( ) .

والأُزُر: جمعُ إزار.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين