أخلص عبادتك تُسعد زوجتك وتحفظ أسرتك

ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي في زيادة نِسَب الطلاق عالمياً، بعدما سهَّلت التعارف بين الرجال والنساء، والتواصل بينهم، ومن ثَمّ تعلّق بعضهم ببعض، ومايتبع هذا من نظر فابتسام فكلام فسلام فموعد فلقاء فحرام؛ كما قال أمير الشعراء أحمد شوقي:

نظرةٌ فابتسامةٌ فسلامٌ=فكلامٌ فموعدٌ فلقاءُ

فاتقوا الله في قلوب العذارى=فالعذارى قلوبُهنَّ هواءُ

وحتى نمنع هذا الشر الذي انتشر، أو نُقلِّل منه ونَحدّ من انتشاره، لابد من توجيه للزوج، وتوجيه للزوجة.

وأبدأ بالزوج فأقول له مايلي:

لاتتكل على نفسك في مقاومة الهوى الذي يثور فيك، وفي دفع الإغراء الذي تتعرض له، فإنك ضعيف، لاحول لك ولا قوة إلا بالله، ولك في يوسف عليه السلام مع امرأة العزيز وثباته تجاه تعرضها له، وبذلها الأسباب المفضية لنيلها ماأرادت، لك في ذلك إشراقات تنير لك طريقك.

قال تعالى: "وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ".

لقد أقْدَمَتْ على عدة أفعال تشجع على الاستجابة وتُسهِّلها، وتُطمئن مرتكبها، فلايتردد في الإقدام عليها.

هذه الأفعال هي (المراودة)، (إغلاق الأبواب)، (التهيؤ). فالمراودة بداية تكفي وحدها لإيقاع أقوى الرجال، وأمنعهم، فهي تعني رغبة المرأة، ورغبتها الجامحة، في شاب ليس ذا زوجة، أي غير مُحصن، وأين؟ في بيتها الذي هو مقيم فيه، فلايحتاج إلى تسلل، واستغفال حرس.

ثم (إغلاق الأبواب) لزيادة الإحساس بالأمن، والإغراء بالإقدام، وبعث الطمأنينة في القلب والنفس.

وتختم بالدعوة الصريحة إلى الفعل الفاحش الذي تهيأت له غاية التهيؤ (وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ).

تهيأت بشكلها، وزينتها، وأنوثتها، ورغبتها الجامحة، مؤكدة أن هذا التهيؤ كله ليس لأحد سوى يوسف عليه السلام (هَيْتَ لَك)، إغراء كبير، وفتنة عظيمة.

رغم هذا كله فإنه عليه السلام يعتصم بالله، ويتوكل عليه سبحانه، فلم يتكل على نفسه، إذ لم يقل أنا أقوى من إغرائك، وأقدر على رفضك، ولايمكن لك ولا لألف امرأة مثلك أن تغويني، بل قال (معاذ الله)، فاعتصم به سبحانه، وتوكَّل عليه، واستعان به.

وعليه فإن التوجيهات للرجل الذي يتعرض للإغراء أن يحرص على مايلي:

- استشعر ضعفك بين يديه سبحانه، وفقرك إليه عز وجل، واستجر به تعالى تجده قريباً منك، معيناً لك، يحفظك ويحميك ويُثبتك.

- أعرض عنها، وأول إعراض هو غض بصرك عنها -فلاتنظر إليها، ولا إلى محاسنها ومفاتنها- وأنت تستعيذ بالله من الشيطان.

- أسرع في الانسحاب من أمامها، واخرج من المكان الذي أنتما فيه، أو افتح الأبواب والنوافذ إن لم تستطع الخروج.

استحضر نِعَمَه سبحانه عليك، وأن بقاء تلك النعم وزيادتها مهدد بالمعصية التي تدعوك تلك المرأة إليها.

- لاتنجرّ إلى محاورتها، وتبادل الحديث معها، واحصر تفكيرك في النجاة من المعصية القريبة منك.

أما الزوجة فنقول لها:

احذري وساوس إبليس الذي يُزيِّن لكِ المعصية حين يُسمعكِ رجلٌ كلاماً لطيفاً لاتسمعينه من زوجكِ، فيُشجعكِ بنفثاته: هذا الكلام الذي أحتاجه، هذا الذي لاأسمعه من زوجي، لن أتردد في الاستجابة له، وفعل مايطلبه مني!!

أول ماينبغي أن تفعليه هو أن تستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، وأن تستحضري رقابة الله عليكِ، وأنه سبحانه يراكِ.

ثم حكِّمي عقلك في مشاعرك التي قد يُضلِّك بها إبليس، وهو يُزيّن لكِ سُبُل الغواية؛ وخاطبي نفسك: تقصير زوجي لايبرر الحرام الذي يزينه لي الشيطان، وسأكون بالله أقوى من نزغه، ولن أستسلم لتلك الأوهام.

وحافظي على هذا الدعاء: اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وأغننا بفضلك عمن سواك.

واستحضري غواية إبليس وكأنها دعوة إلى إشعال النار في بيتك، لتحرقيه بيدك، فهل تفعل هذا امرأة عاقلة؟!

هل أدركتِ ماسيحدث لأبنائك وبناتك بعد الفضيحة؟! هل فكَّرتِ بما يمكن أن يُقدِم عليه زوجك؟ هل تصبرين على غضب الله في الدنيا ثم عذابه في النار؟!

هكذا، أيها الزوجان الغاليان، تحفظان نفسيكما حين تحفظان ربكما، تحفظانه سبحانه بطاعته، بفعل ماأمر، وبترك مانهى عنه وزجر، كما أوصانا النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك). صحيح الجامع.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين