أحرار سورية.. لا تقاوموا العنصرية بمثلها! 

يحلو لبعض السوريين أن يردّ على العنصرية بمثلها، ويعيب على سواه بما فيه، ويمنّ بما وقع منه بلا اختيار، ثم ينال من شعوب الأرض، ويشكو الخذلان، ويندب الأخوّة بين المؤمنين والصداقة بين الشعوب، ووشيجة القربى القومية..

لن أدافع عن شعب من هذه الشعوب إن قلت بأن إبراز الوجه المظلم من تفاعلها سلوك ظالم!

ففي لبنان ومصر وتركيا والأردن تيار عريض لم يزل يتداعى لشكوى عضو منه، بالحمى والسهر، فليس من العدل كفرانه، ولا من الإنصاف تعميم سلوك العنصريين لننال به من شعوب شقيقة مغلوب على أمرها، وتبذل وسعها أو بعضه، وليس محفّزا لبذل المزيد لهجة المنّ بما بذل السوريون لصالح غيرهم في أزمات سابقة!

ليس مناسبا هذا المنّ لعدة اعتبارات:

لأن المنّ بعض الأذى الذي نهينا عنه بعد الإنفاق بنصّ القرآن.

ولأن بعض هذا العطاء هو عطاء الآباء والأجداد فهل نمنّ بما لم نفعله بأنفسنا، ونكون كمن يتشبّع بما لم يعط، فهو كلابس ثوبي زور!

ولأن بعض هذا العطاء لم يكن ابتغاء وجه الله بالضرورة، بل كان تجاوبا مع رغبة نظام له مصلحة ما، في استقبال حلفائه الممانعجية، وكانت كثير من مظاهر الترحيب المبالغ فيه بالنازحين، ورفع أعلام حزبالة وصور صبي إيران بلبنان، وعروض الكرم المبذول لا تخرج عن إطار نفاق الحاكم الذي كان بعضنا يتنافس بعمل الموالد على روح (الشهيد) باسل ومجالس العزاء بحافظ، والولائم العامة بتجديد البيعة!

فلا تصدعوا رؤوسنا بمنّكم في عطاياكم تلك، فإنها لو كانت عملا صالحا فثوابه لمن كان سببه ونافقتموه وهيهات!

ثم دعكم من اللبنانيين والمصريين والأردنيين وأروا العالم من أنفسكم ماذا فعلتم بأهليكم من المحافظات الأخرى حين فزعوا إليكم ولاذوا ببلداتكم في هذه الثورة ولن أعود لثورة الثمانينيات؟ ألم يستغل بعضكم حاجة الناس رفعا للإيجار واحتكارا واستغلالا؟ أليس فيكم قطاع عريض لا يزال يثرّب على الثوار ويقول: كنا عايشين؟! أليس فيكم من كان يرقص بساحات دمشق وإخوانه في غوطتها يقتلهم الحصار قبل البراميل وقبل السارين؟! أليس فيكم من ألقى عن كاهليه أمانة الثورة وتضفدع؟ أليس فيكم خارج الوطن من يتسكع من سياحة لعبث للهو لتفاهات، والثورة في ترتيب أولوياته سابعا أو خامس عشر أو تسعين؟! ستقولون لا تعمم فهناك صورا سورية مضيئة نبيلة تشرّف وتستحق العرفان والتقدير، وهذا حق لا أماري فيه.. لكنني أكرّ بمنطق عدم التعميم نفسه على ما تشملون به شعوبا أخرى تتهمونها بالخذلان، مع أن فيها من فتح بيته، وجاد بماله، وواسى بما أوتيه نصرة لأشقائه، وولاء لدينه وإنسانيته..

لذا فلا تحاربوا عنصرية نتنى بمثلها، ولا تجهلوا على خيلاء الجاهلية بعصبية مثلها سفاهة وجهلا، ولا تنفخوا على نار الحقد والكراهية بين شعوبنا بنار مثلها، فوالله ما تخدمون في التحريش بينكم غير شياطين الإنس والجنّ التي تلبسكم شيعا، وتذيق بعضكم بأس بعض.

والله المستعان.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين