الحيل والمخارج الشرعية

التعريف بالبحث:

هذا بحثٌ جديدٌ من سلسلة المباحث الأصولية المقاصدية، والتي يهدف من خلالها الباحث إلى تأصيل المنهج الأصولي المقاصدي وتعزيزه ونشره، وفي هذا البحث تناول الباحث موضوع الحيل والمخارج الشرعية.

والحيل هي: إبراز عملٍ ممنوعٍ شرعًا، في صورة عمـلٍ جائزٍ، وهذه الحيل لم تكن  منتشرةً زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا زمن الصحابة رضوان الله عنهم أجمعين ، بل ورد عن الصحابة التشنيع على الحيل ومحاربتها ، واستمر الوضع كذلك زمن كبار التابعين ، وكذلك بداية عهد صغار التابعين ، ثم ما لبثت أن تفشت بعد ذلك في المجتمع المسلم ، وانتشرت فيه انتشار النار في الهشيم. 

والحيل في حياتنا المعاصرة العلمية والعملية والسياسية منتشرةٌ جداً،  ونجدها بكثرةٍ في الفتاوى والمعاملات المالية المعاصرة. ومن أسباب انتشار هذه الحيل الرغبة في مخالفة القانون والتشريعات والتلاعب بأحكام الشريعة ، أو هضم حق الغير، أوللالتفاف على الممنوعات، والتملص من الواجبات.

  إن من أهم أسباب ظهور الحيل الجمود الكبير لدى الفقهاء نتيجة إهمالهم للنظر في مقاصد الشريعة ، فأولعوا بالحيل بين مكثرٍ ومقلٍ ، ونتج عن ذلك تحول الفقه الإسلامي نتيجة ضعف النزعة المقاصدية إلى فقهٍ شكليٍ، يركز على الألفاظ والمباني و يهمل المقاصد والمعاني، مما أدى إلى شيوع العقود الصورية والإسلام الصوري.

   لقد كان موضوع الحيل موضع اهتمام المستشرقين الذين أولوه اهتماماً كبيراً كما قاموا بتضخيمه والتوسع فيه، والذي يقصده المستشرقون من هذا الصنيع بيان أن الشريعة مثالية بعيدة عن الواقع، مما اضطر فقهاء المسلمين للجوء إلى الحيل لتنزيلها إلى الواقع المعاش للناس.

وفي مقابل الحيل التي يقصد بها التهرب من التكاليف والتشريعات، والتلاعب بالدين نشأ ما يسمى بالمخارج الشرعية، والتي قصد بها تلك الطرق الذكية التي يتخذها الإنسان للتخلص من المحرم، أو للتوصل إلى الحلال، وذلك ليدفع ضرراً عن نفسه أو يجلب مصلحةً لا تتعارض مع مقاصد الشارع الحكيم.

إنه بقدر ما يجب أن نتجنب الحيل المحرمة والمكروهة يجب أن نستفيد من المخارج الشرعية، ولكن يجب أن نفحص الحيل فحصاً دقيقاً، ولا يكفي أن ننقب عن هذه الحيل في بطون الكتب القديمة، بل يجب أن نبتكر حيلاً جديدةً يمكن أن تعد في مجالنا الاقتصادي والمصرفي فعلاً من قبيل الهندسة المالية الإسلامية الحديثة. 

تم تقسيم البحث إلى ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: تعريف الحيل لغةً واصطلاحاً، وعن تاريخ الحيل ومتى ظهرت، وعن أسباب ظهور الحيل، ومذاهب العلماء في الحيل، وبيان اهتمام المستشرقين بهذا الموضوع ومآربهم منه، وتوضيح تقسيمات العلماء للحيل باعتباراتٍ متعددة.

المبحث الثاني: الحيل المحرمة وضوابطها، ومفاسدها، والأدلة على تحريمها، وبعض تطبيقاتها القديمة والحديثة.

المبحث الثالث: الحيل والمخارج الشرعية، من حيث تعريفها، وأدلتها، وضوابطها الشرعية، وبعض تطبيقاتها.  

 وفي الخاتمة ملخصاً لما تم عرضه خلال هذا البحث.

تحميل الملف