التسامح في ضوء القرآن الكريم

التعريف بالبحث:

التسامح هو نقطة الارتكاز في جميع مجالات الحياة المختلفة، والتاريخ شاهد صادق وناطق بالتسامح الذي ربط علاقات المسلمين بباقي أهل الديانات الأخرى، حيث دعا القرآن إلى مجادلتهم بالتي هي أحسن، ومن أساسيات مبادئ الإسلام عدم الإكراه فِي الدِّينِ، وقد شهد الأعداء بتسامح المسلمين، وتراثنا الاسلامي زاخر بهذا التسامح على المستوى النظري والعملي، ولا نحتاج لحفر في التراث لإبراز ذلك؛ لأن التسامح في صورته المثلى كان نبراساً لواقع عاش فيه سلفنا الصالح، وقد جاء ذلك تطبيقًا عمليًّا حين أقرَّ النبي صلى الله عليه وسلم الحرية الدينية في أوَّل دستور للمدينة، وذلك حين اعترف لليهود بأنهم يُشَكِّلُون مع المسلمين أُمَّةً واحدة، وحين استقبل النبي صلى الله عليه وسلم وفد النجاشي من نصارى الحبشة، وقام يخدمهم بنفسه، كما استقبل وفد نصارى نجران، وهكذا قضى الإسلام بالتسامح على جميع مظاهر التفرقة والطبقية، وسوَّى بين الأفراد في الحقوق والواجبات؛ لتحقيق كثير من المصالح التي تفيد الإنسانية.

وتظهر أهمية البحث حين يعبر عن تميز هذا الدين الحنيف الذي يدعو للتواصل مع الآخر، ويفند الشبهات والأفكار الخاطئة التي يروّجها بعضهم لتشويه سمعة هذا الدين، كما يوضح حقيقة التسامح لمن التبس عليه الأمر من المسلمين بين التسامح والتنازل عن المبادئ، أما الخلاف في الأديان واللغات والقوميات فسنة كونية وظاهرة بشرية لا ينبغي أن تكون سبباً للخصام والعداء، بل يجب استثمارها لصالح الإنسانية وإثراء الساحة بكل مفيد وجديد؛ لذا أحببتُ أن أكتب عن التسامح في ضوء القرآن الكريم، مستقرئاً النصوص، ومستنطقاً دلالاتها، مع الاستفادة من مشاهدات التاريخ والواقع، وقد قسمت الدراسة بعد هذه المقدمة إلى مبحثين وخاتمة على الشكل التالي:

المبحث الأول: مفهوم التسامح: التأصيل والضوابط.

المبحث الثاني: أنواع التسامح في القرآن الكريم، وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: التسامح الديني.

المطلب الثاني: التسامح السياسي.

المطلب الثالث: التسامح الاجتماعي.

الخاتمة وهي شاملة لأهم النتائج.

تحميل الملف