ريادة ابن أبي شنب في تعريف المستشرقين بفنّ توثيق الرّواية ونقل التراث عند المسلمين

التعريف بالبحث:

يتوزّع الكلام في هذا البحث على جانبين:

أحدهما يخصّ موضوع ظاهرة نقل التراث العلمي عند المسلمين واهتمام المستشرقين بها.

والثاني يخصّ موضوع كيفية نقل صحيح البخاري إلى سكان مدينة الجزائر عبر التاريخ، والكلام عن مسألة الإجازة وكتب توثيق الرواية.

والرابط بين الجانبين هو أنّ ابن أبي شنب قد جمع بينهما في بحث ألقاه على مسامع المستشرقين في مؤتمرهم الرابع عشر، الذي انعقد بالجزائر العاصمة سنة 1905م.

وتتجلى أهمية الموضوع من خلال أمور عدّة:

أحدها: كونه متعلقٌ بالكلام عن عَلَمٍ رفع راية العلم والثقافة الجزائرية الأصيلة، داخل بلدهم وخارجه، على قاعدة راسخة، وأسس متينة، في الوقت التي كانت الهامات تنكّس، والهمم تنتكس، وقد كان هذا الرّجل كتيبة وحده، يعمل في صمت وهدوء، ولا ينتظر ثناء ولا جزاء، فحقّ علينا إحياء ذكره، وإفشاء سرّه، والتعريف بجوانب من فكره، وتلك سنّة قد حرص عليها الأكابر مع الأكابر، فكيف بنا ونحن لا نزال عالة على جهودهم، ولا نُعرف في عالم البحث العلمي الجادّ إلا بهم.

وثانيها: أننا نعالج جانبا من تاريخ التفاعل الفكري بين الفكر الاستشراقي وفكرنا العربي الإسلامي الأصيل،.خصوصا وأنّ الفترة التي تناولها هذا البحث مرحلة حرجة في تاريخ الجزائر الثقافي، وظاهرة ابن أبي شنب مقاومة من نوع خاصّ، حفظت لأهل هذا القطر مناعته، وأبقته منيعا عن محاولات المسخ التي سلطت عليه طوال قرن وربع قرن.

وثالثها: أنّنا نتكلّم عن عناية هذا العلَم الجزائري بظاهرة حضارية فريدة لا نظير لها في تاريخ الأمم الأخرى، تتمثّل في دواوينها التي وُثِّقت بها عملية نقل العلوم عند المسلمين، جيلا بعد جيل، وعرضه لها العرض الحسن أمام المستشرقين، مما يحسب في رصيد هذا البلد العزيز، ورصيد الأمة الإسلامية جمعاء.

تحميل الملف