استخدام المناهج الحديثة في دراسة الإسلام

التقديم للبحث:

ظهرت في العقود الأخيرة العديد من الدراسات التي تتناول الإسلام دراسة وتحليلا، وذلك لما غدا يحتله من مكانة تؤهله لأن يتضاعف دوره في المستقبل، ولئن كان مفهومًا أن تأتي بعض هذه الدراسات من قبل المختصين بالدراسات الإسلامية من داخل نسقها، أو من منظومة تتناول الإسلام من الخارج في سياق علمي خاص ذي طابع سياسي أو اجتماعي؛ فإن ما يثير الانتباه وجود العديد من الدراسات تتناول الإسلام خارج أي سياق من السياقات العلمية المشار إليها وبدعوى الاستحواذ على مقابيض العلوم كلها تقريبًا مما يجعل نقد أي من هذه الكتابات غير متيسر للقارئ لا لاستحالة الجمع بين هذه العلوم فحسب، إنما لعدم إدراك المفاصل التي تتموضع فيها تلك العلوم في هذه الدراسات، ولئن كان من الضروري على أي باحث الإلمام بأمهات العلوم ذات الصلة بمجال معين فإن الإدعاء باستخدامها -ويشترط هذا الإدعاء الاستحواذ عليها- يثير التساؤل حول احترام التخصص في العلوم الذي يزداد تشعباً يومًا بعد يوم بما لا يسمح بدعوى من هذا القبيل.

ويأتي كتاب الإسلام بين الرسالة والتاريخ مثيراً للاهتمام لما تناوله فيه من قضايا تكاد تشمل كل قضايا الإسلام في العصر الحاضر، ويطرح الكتاب إضافة للتحليل حلولاً يصفها بأنها جذرية لهذه القضايا، ولما كان هذا النوع من الكتابات يحظى باهتمام الباحثين عن الجديد أو التجديد في الفكر الإسلامي كان من الضروري إبداء الرأي فيها وإثراء الحوار حولها، هذا وبقدر ما لبعض هذه الدراسات من فاعلية في دفع حركة الفكر الإسلامي نحو تجديد علمي وعملي بقدر ما للبعض الآخر ما له من أثر سلبي يرتكس بجهود التجديد المخلصة إلى الوراء وتزيد الشكوك في نواياها، من هذا المنطلق يأتي تحليلنا ونقدنا لهذه الدراسة إسهاماً في رسالة المؤلف التي أعلنها في المقدمة للرقي بالفكر الإسلامي.

سوف تتضمن هذه القراءة تقديم الكتاب وبيان منهج الكاتب وأهم الأفكار التي عرضها، وذلك حسب تسلسل أبواب الكتاب، مركزين على الأفكار المحورية فيه. ثم نقدم تحليلا نقديًا للكتاب، نعرض فيه نقد المضمون وتحليل المنهج ونقد فرضيات الكتاب الأساسية.