ضرب الأمثال في القرآن (أهدافه التربوية وآثاره)

التقديم للبحث:

إن من أهم الموضوعات القرآنية التي ينبغي أن تنال اهتمام الباحثين، وعناية الدارسين (الأمثال القرآنية)، لما لها من دور كبير في تحقيق الهدف الأمّ من نزول القرآن الكريم، ألا وهو هداية النفس البشرية، وقيادتها إلى بارئها سبحانه وتعالى، لتتحقق بعبوديته بالطوع والاختيار، كما هي منقادة لنواميسه بالقهر والاضطرار..

ولقد كانت عناية العلماء قديماً بأمثال القرآن الكريم جزءاً من عنايتهم بإعجاز القرآن، وأسلوبه البياني المتميز، ويعدُّ ما وصلنا من الكتابات الخاصة بأمثال القرآن الكريم قليلاً ـ نوعاً ما ـ عما تناولته دراسات العلماء واهتماماتهم المتعلِّقة بالقرآن.

وأكثر هذه الكتابات تناولت الأمثال من الناحية اللغوية البيانية، أو البلاغية الاصطلاحية.

أما تناول الأمثال من الناحية التربوية، فلم أجد فيما اطلعت عليه ـ على قلة اطلاعي ـ مِن المتقدمين مَن درس الأمثال القرآنية أو النبوية، دراسة تربوية منهجية مقصودة.. على أهمية هذا الجانب، وخدمته للمنهج القرآني، ودوره في تربية الفرد وإصلاحه وتوجيهه.. وهذا ما جعلني في هذا البحث أمام موضوع بِكْر، لم أجد من تناوله، أو مهَّد طريقه، وذلَّل عقباته..

قد يكون عذر الأقدمين في الالتفات عن هذا الموضوع أن اشتغالهم بتوضيح المعاني القرآنية، وإبراز جوانب الإعجاز المتعددة، هو المناخ الملائم لنقل النفوس إلى جواء التأثير القرآني، وجعل القلوب تستروح أنسام الإيحاءات التربوية، على حسب استعداد كل إنسان، وتهيئه لذلك.

ولا شك أن احتياجات العصر تجعل مثل هذه الدراسات التربوية ضرورةً ملحّةً، ومطلباً أساسياً، لمخاطبة الجيل المعاصر بما يناسب اهتماماته ومشكلاته وواقعه، ولتقريب حقائق الهداية الإلهية من القلوب.