دعوى التعارض بين تشريعات الحدود ومفاهيم العصر

التقديم للبحث:

هذا بحث مقدَّم إلى ندوة تشريعات الحدود التي أقامتها كلية الحقوق بجامعة قاريونس _بنغازي (ليبيا) في عام 1976م، وهذه الأبحاث التي تعقد حول تشريعات الحدود في الجمهورية العربية الليبية هي الأولى من نوعها في عالمنا العربي والإسلامي الحديث، لذلك فهي خطوة جريئة في طريق إحياء التشريع الإسلامي وتجديده وتطويره ليكون هذا التشريع الأساس الأول لكل قوانيننا وتشريعاتنا الحديثة.

فالمسلم له شخصيته ومفاهيمه المتميزة وهو ليس إمَّعة يقول: أنا مع الناس إن أحسن الناس أحسنتُ، وإن أساءوا أسأتُ، بل هو يوطِّن نفسه على أن يحسن إذا أحسن الناس وأن يجتنب طريقتهم عندما يسيئون .

فالشريعة الإسلامية هي الحق في نظر المسلم، وماذا بعد الحق إلا الضلال؟ والرسول صلى الله عليه وسلم ينبئنا بأنَّ الرسالة لم تأتِ لتكون محكومة بالهوى بل حاكمة عليه، فلا يُعتبر المؤمن مؤمناً حتى يكون هواه تَبَعاً لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم وما بلَّغه عن ربه.

ومع ذلك فإن علماء المسلمين من فلاسفة وفقهاء قد عنوا ببيان التوافق التام بين أحكام الشريعة ومعطيات العقل الصحيح والتجربة السليمة.