المطلق والنسبي في السنة النبوية

التقديم للبحث:

يسعى هذا البحث إلى بناء تصور كلي لطبيعة العلاقة مع السنة، من حيث صلاحيتها الزمانية والمكانية (المطلق)، أو محدودية دلالتها في زمان أو مكان أو أشخاص أو حالات (النسبي)، فتم إحياء الاستعمال الأصولي المفهومي المطلق والنسبي، مع تطويرهما من خلال المعجم الفلسفي الذي يربط المفهومين بالبعد العقدي، وثم استخراج ضوابطهما وتصنيف السنة إلى مطلق ونسبي على اساسهما، مع ذكر أمثلة على ذلك.

كما يحاول هذا البحث أن يقدم وجهاً آخر لمقاربة السنة النبوية من حيث الموقف منها، إذ يسعى إلى بناء تصور كلي لطبيعة العلاقة مع السنة، وأعني بذلك طبيعة صلتها بتصور المسلم لدينه، لذلك نستعير مصطلحين فلسفيين يعبران عن التصور الكلي للعلاقة مع النصوص، وهما (المطلق والنسبي)، وذلك من خلال تأصيل هذين المصطلحين وتتبع استخدام الأصوليين لهما، ومن ثم تصنيف السنة من حيث احتمالها لأحدهما أو ترددها بينهما.

ولا بد من الإشارة ابتداء إلى أن هذا البحث لا يناقش مسألة حجية السنة من عدمها، فموضوعه يتأسس على اعتبار ما عليه عامة المسلمين من اعتبار السنة مصدراً للتشريع، إنما يتجه مجال البحث إلى السنة النبوية التي اجتازت اختبار التوثيق سنداً ومتناً، فما يتطرق إليه البحث من قواعد وتأصيل إنما ينصب على ما غلب الظن أنه نص صحيح، ومجال البحث هو طبيعة العلاقة مع السنة من حيث صلاحيتها الزمانية والمكانية أو محدودية دلالتها في زمان ومكان أو أشخاص أو حالات، وتصنيف هذه الحالات ضمن مفهوم المطلق والنسبي.

وقد تطرق العلماء قديماً إلى حالات من السنة النبوية التي ليس فيها عموم تشريعي كالذي قام به الإمام القرافي في كتابه " الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرف القاضي والإمام"، ولا تخلو كتب الأصوليين من الحديث عن أنواع السنة النبوية من حيث ما هو تشريعي وما ليس بتشريعي منها، وللباحثين المعاصرين جهود في ذلك، وما تضيفه هذه الدراسة هو تأطير هذا التصنيف للسنة من منظور كلي يرتبط بالرؤية الكلية للسنة النبوية، ومن تجميع الاحتمالات المختلفة ضمن نوعين أساسيين هما عنوان البحث، وستتم معالجة الموضوع من خلال المحاور الآتية:

أولاً: مفهوم المطلق والنسبي في دراسة السنة:

ثانياً: الأصل في السنة بين الإطلاق والنسبية:

ثالثاً: المطلق من السنة:

رابعاً: محددات ما هو نسبي من السنة:

خامساً: ما هو متردد من السنة بين المطلق والنسبي