الهجرة أخلاقيات وتحديات

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: 

فالهجرة ظاهرة قديمة متجددة في تاريخ البشر، وقد شهدت العصور المختلفة ولا تزال حركة واسعة ونشطة لمجموعات بشرية غادرت وتغادر أوطانها باتجاه بلاد وأوطان أخرى، لأسباب شتى ودوافع مختلفة، وفي عصرنا الحاضر تستمر حركة وأزمة المهاجرين بل وتتصاعد بسبب موجات اللجوء والنزوح المتتالية، حيث وصلت أرقام اللاجئين لوحدها وفق تقارير وإحصائيات الأمم المتحدة الى 68.5 مليون شخص 

ومما يؤسف له أن معظم اللاجئين من المسلمين وينتمون الى البلاد الإسلامية التي تعاني الظلم والقهر والفساد والحكومات المستبدة التي سببت الدمار والخراب والفقر والفاقة حيث أفادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأن نحو 70% من اللاجئين في العالم البالغ عددهم 68.5 مليون شخص فروا من خمسة بلدان فقط هي سوريا وأفغانستان وجنوب السودان وميانمار والصومال ( ) 

وتعد هجرة السوريين الاوسع والأكثر كارثية في القرن الواحد والعشرين اذ اضطر الملايين الى ترك بيوتهم ومغادرتها بسبب القصف الهمجي والاستهداف المباشر لهم بالبراميل المتفجرة والأسلحة الفتاكة, وقد طال الاستهداف حتى المدارس والمشافي ودور العبادة التي تحظر القوانين الدولية استهدافها بأي حال من الأحوال ووفق الاحصائيات فقد تجاوز عدد اللاجئين الفارين من النزاع في سورية، بحلول نهاية 2017 الى اكثر من (6.3) مليون شخص خارج البلاد ، بالإضافة إلى نزوح (6.2) ( ) مليون شخص داخلها ، أي أن حوالي نصف السوريين أصبحوا في حالة نزوح أو لجوء .

ولابد من التنويه هنا أننا استخدمنا مصطلح الهجرة في البحث بشكل عام لذيوع وشيوع هذا المصطلح في البيئة الإسلامية، ولأن موضوع البحث مما يهم ويحتاجه المهاجر واللاجئ على حد سواء، وإن كان السوريون يصدق عليهم وصف اللاجئين وفق تعريف وتصنيف الأمم المتحدة والتي تؤكد في كل مناسبة على التمييز بين مصطلح المهاجر واللاجئ وتحذر من الخلط بينهما نظرا لما يترتب على ذلك من أوضاع حقوقية وقانونية 

فاللاجئون – وفق الامم المتحدة -هم أشخاص لا يمكنهم العودة إلى بلدهم الأصل بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد أو الصراع أو العنف أو ظروف أخرى أخلّت بالنظام العام بشكل كبير، وهم بالتالي بحاجة للحماية الدولية.

ويمكن للخلط بين اللاجئين والمهاجرين أو الإشارة إلى اللاجئين على أنهم فئة فرعية من المهاجرين أن يؤثر بشكل كبير على حياة وسلامة الأشخاص الفارين من الاضطهاد أو الصراع.

ومما لا شك فيه أن جميع الأشخاص الذين يتنقلون بين البلدان يستحقون الاحترام الكامل لحقوقهم الإنسانية وكرامتهم إلا أن اللاجئين هم مجموعة محددة ومحمية في القانون الدولي لأن الوضع في بلدانهم الأصل يجعل من المستحيل بالنسبة لهم الذهاب إليها، وتسميتهم باسم آخر يمكن أن يعرض حياتهم وأمنهم للخطر.

وتم الاعتراف بالفارق المهم بين اللاجئين والمهاجرين من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في إعلان نيويورك بشأن اللاجئين والمهاجرين. ( ) 

هذا واسهاما من اللجنة العلمية العليا في رابطة العلماء السوريين في نشر الوعي بين المهاجرين وإحاطتهم بالقيم والأخلاق الإسلامية التي ينبغي أن يتحلى بها المسلم في لجوئه وهجرته، وإيقافهم على السلبيات والايجابيات التي ربما يمكن أن تكتنف هجرتهم ، فقد كلفتني وأخي الشيخ محمد سعيد هيكل بكتابة هذا البحث المختصر، وقد تقاسمنا الكتابة فيه حيث كتبت المقدمة هذه وأخلاقيات الهجرة، فيما كتب الأخ محمد سعيد هيكل عن سلبيات الهجرة وإيجابياتها، والله نسأل التوفيق والسداد والقبول.

للاطلاع على كامل البحث في المرفقات

تحميل الملف