القاضي عِياض المالكي محدِّثًا وفَقيهًا

الحمدُ لله الذي أعلى مراتب العلماء الأعلام، وزكّى منهم العقولَ الراجحة والأحلام، ومنحهم مآثرَ تقصُر عن جمعها المحابِر والأقلام، ومفاخرَ طارت كل مطار، وجعل معاليَهم زاهرة زاهية، وأضواءَ فُهومهم نامية سامية، وأنواءَ علومهم هامعة هامية بواكفِ الأمطار، وأطلعهم على حقائق الأسرار، وهداهم وهَدى بهم إلى ترتيب المدارك وتقريب المسالك، وجلّى بمشارق الأنوار من معارفهم وآدابهم عمّن تمسّك بأذيالهم وأهدابهم غياهبَ الجهل الحوالك فأضاءت الأقطار. 

وعرّفهم المقاصدَ الحسان، والوسائل المغتبَطَة والإلماع، بأصول الرواية والسَّماع، والإعلامَ بحدود قواعد الإسلام، وأرشدهم إلى التنبيهات المستنبطة السامية الأخطار، حتى رفَلوا من حُلل التحقيق السابغة في مطارفَ وبُرود، وَوَردوا من مناهل التوفيق السائغة كلَّ عَذب برود، وتنسّموا من حُجج الحقّ البالغة الروضَ المعطار، واجتنَوا أزاهرَ أضحت مُنية الطالب وبُغية الرائد، واجتلَوا جواهرَ نُظمت منها الدُّرر والفرائد في أجياد الأسطار.

فإنْ أمَّهم ناقصٌ عَديمٌ ألفَى لديهم الغُنيةَ والإكمال، أو قَصَدهم عَليلٌ سَقيم وجد في أيديهم الشِّفاء فنال غاية الآمال، وظفر بمُنتهى الأوطار.

والصلاةُ والسلام على سيِّدنا ومولانا محمّد أفضل العالمين بإطلاق، سراجِ المريدين وكنز العارفين الذي لا يُخشى معه إملاق، عُمدتنا العظمى، ووسيلتنا الكبرى عند الملِك الخلّاق( ).

وبعدُ فهذه إطلالةٌ موجزة على واحدة من أشهر الشخصيّات العِلميّة في العلوم الشرعيّة في البلاد المغربيّة، أعني القاضي عياض المالكي رحمه الله تعالى، أتناول فيها شخصيَّته وعنايته بعِلمَي الحديث والفقه، سائلًا المولى أن يمُنَّ على هذه الدراسة بالقَبول، إنه أكرم مسئول، والحمد لله رب العالمين.

تحميل الملف