الشيخ إسماعيل السورتي رحمه الله تعالى

الشيخ العالم الصالح المعمر إسماعيل بن إبراهيم بَتِيْل الكنكاروي السُّوْرَتِي الكُجْراتي، من سكان قرية كنكاريا في سُوْرَت (بكجرات، الهند)، نزيل لِيْسْتَر، إنجلترا، وكان أبوه الشيخ إبراهيم بَتِيْل عمدة قريته، ووافر الحرمة فيها محتشما.

وكلمة سُوْرَت على زنة سُورة القرآن.

ولد في المحرم سنة 1343، وهو موافق للتاريخ الميلادي المسجل في جوازه للسفر، ولعله ولد قبل ذلك بسنين على ما أكد ابنه الحافظ رشيد، وبدأ دراسته في بيته، وقضى بضع سنوات يختلف إلى بعض كتاتيب قريته، ثم التحق بجامعة دَابِيْل، وهي أكبر مدرسة إسلامية في كجرات آنذاك، وسمع على العالم المسند عبد الرحمن الأمروهي تفسير الجلالين كاملا في مرحلة الموقوف عليه (أي السنة التي قبل دورة الحديث)، وسمع على العلامة شبير أحمد العثماني صحيح البخاري، وعلى المحدث الكبير بدر عالم الميرتهي وغيرهم من شيوخ الجامعة سائر الكتب المقررة في دورة الحديث، وتخرج سنة ثلاث وستين وثلاثمائة وألف.

وكان شيخنا المترجم له يذكر أنه سمع على الشيخ الأمروهي كتابا آخر غير تفسير الجلالين، (وعينه ابنه وغيره بسنن الترمذي بناءًا على ما كان الشيخ نفسه يذكر قبل أن يصاب بالكبر والضعف). قلت: غادر الشيخ الأمروهي الجامعة في ربيع الآخر سنة اثنتين وستين ثم لم يعد إليها، وهذه هي السنة التي بدأ الشيخ إسماعيل في شوال منها الدورة (فالسنة الدراسية تبدأ في شوال، وتنتهي في شعبان، وإذا كان شيخنا المترجم له قد تخرج سنة ثلاث وستين، فلا شك أنه بدأ الدورة في شوال سنة اثنتين وستين)، فلم يسمع على الأمروهي شيئا من كتب الدورة، إلا أن يكون سماعه عليه لسنن الترمذي أو كتاب آخر خارج مواعيد الجامعة، وهذا الاحتمال ضعيف جدا لعدم استئناس الطلاب السماعات خارج الدروس النظامية.

ودرَّس بعد التخرج في بعض المدارس وتولى الإمامة والخطابة، وأقام في جنوب إفريقيا ثلاث سنوات يدرِّس بها ويفيد، وانتقل في آخر عمره من كجرات إلى أبنائه في ليستر في شهر رمضان سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة وألف، وقام ابنه الشيخ الحافظ رشيد على رعايته بارًّا به، واشتهر أمره لاسيما بعد أن عرف بسماعه لتفسير الجلالين على الأمروهي، وزاد إقبال الناس عليه، وقرئ عليه في ليستر والحرمين الشريفين، واستجيز منه.

زرته في منزله بمدينة ليستر سنة خمس وثلاثين وأربعمائة وألف صحبة الأخوين الكريمين الشيخ سليمان اللاجبوري وزيد الإسلام، وتحدثت معه قليلا واستفسرته عن سماعاته ومقروءاته، وسمعنا عليه شيئا من تفسير الجلالين وبعض كتب الحديث، وأجاز لي ولأولادي إجازة عامة، وأجاز لي مرة أخرى ولسائر من في استدعاء الشيخ محمد زياد التكلة وأزواجنا وذرياتنا سنة ست وثلاثين وأربعمائة وألف، واستجيز لي ولأولادي منه أيضًا في ذي الحجة سنة سبع وثلاثين وأربعمائة وألف، وأجاز لمن في استدعاء الشيخ أحمد عاشور وغيره، وممن استجازه صاحبنا العالم المفيد ظهور أحمد الحسيني بعد أن قرأ عليه أوائل الصحيحين وتفسير الجلالين، واستجازه أيضًا لي ولأولادي.

وقرأ عليه الشيخ محمد زياد تفسير الجلالين، وكتاب الآثار لأبي يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني، ومسند الإمام أبي حنيفة لأبي نعيم الأصفهاني، ورياض الصالحين، وشرح تراجم البخاري للشاه ولي الله الدهلوي، والأوائل السنبلية، وأجزاء حديثية وقصائد.

توفي صباح الجمعة رابع عشر جمادى الآخرة سنة تسع وثلاثين وأربعمائة وألف في ليستر عن ست وتسعين سنة أو أكثر، ونزل الناس بموته درجة في الرواية عن الشيخ الأمروهي، وكان شيخا صالحا سهلا لينا متواضعا، رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

(كتبته على ما أفادني به الشيخ نفسه، وابنه الحافظ رشيد، والشيخ سليمان اللاجبوري، والشيخ محمد زياد بن عمر التكلة، جزاهم الله خيرا).