عبد الهادي النيال

 

1328 ـ 1420 هـ

1910 ـ 1999 م

 

الشيخ عبد الهادي بن الشيخ عبد الوهاب النيال الحلبي الحسني(1).

عالم، عامل، حافظ، إمام الجامع الأموي الكبير في حلب.

ولد الشيخ المترجم في مدينة حلب سنة: ثمان وعشرين وثلاثمئة وألف للهجرة النبوية الشريفة، في أسرة علم وفضل ودين، فوالده الشيخ عبد الوهاب النيال إمام الجامع الأموي الكبير لأكثر من خمسين سنة، كان من علماء حلب المشهود لهم، لكن الشيخ المترجم لم يحظ بالاستفادة من والده الذي أدركته المنية والشيخ عبد الهادي طفلا لم يتجاوز الثالثة من عمره، فنشأ يتيما ترعاه والدته السيدة الفاضلة آمنة برخان، وتلقى تعليمه الأولي في إحدى مدارس المدينة، وحفظ القرآن الكريم في مدرسة الحفاظ، وما أن بلغ السن الذي تمكنه من الانتساب إلى المدرسة الشرعية، بادر بالانتساب إلى المدرسة (الخسروية)، وفيها تلقى مختلف العلوم الشرعية والعربية على مجموعة من كبار علماء حلب في ذلك الوقت.

فقرأ القرآن الكريم، على شيخ قراء حلب الشيخ محمد ابن حامد التيجي المدني، وأخذ عنه علم التلاوة والتجويد، وعلى الشيخ محمد أسعد العبه جي، وقرأ التفسير وعلوم القرآن على شيخه الشيخ أحمد الشمّاع، وأخذ علم الفرائض على فرائضي حلب الشيخ عبد الله المعطي، وأخذ علوم الحديث ومصطلحه والسيرة النبوية والتاريخ الإسلامي على مؤرخ حلب ومحدثها الشيخ محمد راغب الطباخ، وأخذ علوم الفقه ومجلة الأحكام على شيخيه الشيخ عمر المرتيني، وأخذ علم أصول الفقه على شيخه الشيخ محمد أسعد العبه جي، وأخذ علم التربية والأخلاق على الشيخ المربي عيسى البيانوني، ودرس علوم اللغة العربية، نحوها وصرفها وبلاغتها على شيوخه: الشيخ محمد الناشد، والشيخ عمر أسد، والشيخ عبد الله الحماد، ودرس علم الكلام والمنطق على شيخه الشيخ فيض الله الأيوبي، كما ألم الشيخ في هذه المدرسة ببعض العلوم الكونية، كالحساب والجغرافيا والأشياء وغيرها، حيث قرأها على أساتذته أمثال: الشيخ زكي باقو، وأمين الله عيروض، ومحمد كامل سراج الدين(2)، وغيرهم وتابع الشيخ دراسته في هذه المدرسة المباركة بصفوفها الستة، إلى أن تخرج فيها مع القافلة السابعة، التي تخرجت في هذه المدرسة، وذلك سنة: 1351 هـ ـ 1932 م(3).

وبعد تخرج الشيخ المترجم في المدرسة الخسروية، انطلق للعمل فيما تعلم، وأخذ على عاتقه العمل على نشر العلم، وإفادة الناس، فعمل خطيباً في جامع المدرسة (الخسروية)، التي تخرج فيها، ثمّ انتقل إلى لبنان ليتابع عمله في نشر العلم هناك، حيث كانت إدارة الأوقاف تتبع للإدارة العامة التي كان مقرها في بيروت، زمن الاحتلال الفرنسي، عاد بعدها إلى موطنه حلب، وقد أسندت إليه وظيفة والده الشيخ عبد الوهاب في إمامة الجامع الأموي الكبير في محراب الشافعية(4)، وبقي قائماً بهذه الوظيفة إلى أن أدركته الوفاة.

عرف الشيخ المترجم بتقواه وصلاحه ومداومته على قراءة القرآن الكريم وإتقانه له، وجودة تلاوته التي شهد له بها المقرئ المصري المعروف الشيخ مصطفى إسماعيل، الذي زار مدينة حلب في سبعينيات القرن الماضي، والتقى الشيخ المترجم، واستمع لتلاوته فأثنى عليه، وشهد له بجودة الحفظ وحسن التلاوة، وكان يختم القرآن الكريم في صلاة التراويح في شهر رمضان من كل عام، وكان كثير من الناس وطلاب العلم يقصدونه ليصلوا خلفه، كما عرف الشيخ بحبه للعلم، وكثرة مطالعته للكتب العلمية واقتنائه لها، فقد ترك مكتبة عامرة تضم الكثير من أمات الكتب في مختلف العلوم الشرعية، من فقه وحديث وتفسير وسير وتاريخ وغيرها، بالإضافة إلى كتب اللغة وعلوم العربية.

رقيق القلب، لطيف المعشر، آلف مألوف، دائم الذكر، وتلاوة القرآن الكريم.

جميل الوجه، واضح القسمات، منور الشيبة، يزين رأسه بعمامة بيضاء لفت بإحكام فوق طربوش أحمر.

ظل المترجم على دأبه في قراءة القرآن الكريم، وإمامة الناس في الجامع الأموي الكبير، إلى أن أدركته المنية في حلب، في الرابع عشر من شهر جمادى الأولى، سنة: عشرين وأربعمئة وألف للهجرة النبوية الشريفة، والموفق: للخامس والعشرين من توز، عام، تسعة وتسعين وتسعمئة وألف للميلاد، وحزنت عليه مدينة حلب، وصلي عليه في الجامع الأموي الكبير، ثمّ شيع بجنازة حافلة بالعلماء وطلبة العلم وعامة الناس إلى مثواه الأخير في حلب. - رحمه الله -

ـ المسجد الأموي في حلب ـ

المصادر والمراجع

1- ترجمة خطية تفضل بها حفيد المترجم الأستاذ عبد الهادي.

2- سجلات المدرسة الخسروية.

3- مقابلة شفهية مع شيخنا الشيخ محمد زين العابدين الجذبة.

4- مقابلة شفهية مع شيخنا الشيخ محمد درويش خطيب رحمه الله. 

5- مذكرات المؤلف.

-----------

(1) هكذا وردت في الترجمة التي تفضل بها حفيد المترجم الأستاذ عبد الهدي النيال، ولدى بحثي في أنساب الأسر الحلبية المنسوبة لآل البيت، وجدت أن هذه الأسرة فرع من أسرة آل الحراكي الحوراني المنسوبة لسيدنا الحسين ابن علي رضي الله، والله أعلم.

(2) انظر ترجمات شيوخه في مكانها من الكتاب.

(3) تخرج مع الشيخ المترجم في هذه الدفعة كل من وحسب تسلسل نجاحهم (أحمد الحصري، عارف اللبابيدي، عبد الرحمن العيان، محمد الغشيم، سعيد الحمّال، عبد الهادي النيّال (المترجم)، طه النجاري، محمد الملاح، يحيى الحصور، كامل ريحاوي) أ. هـ، عن سجلات المدرسة الخسروية.

(4) كان للجامع الأموي في حلب وظيفتان للإمامة، إحداهما لإمام حنفي والثانية لإمام شافعي، وكان الإمام الحنفي يصلى في المحراب الكبير جانب المنبر، فإذا انتهى من صلاته، أقيمت الصلاة وصلى الإمام الشافعي في المحراب الشرقي، وكان الإمام الحنفي في زمن الشيخ المترجم الشيخ محمد الحموي، رحمهم الله جميعاً، كما كان للجامع الكبير خمس وظائف للمؤذنين لكل وقت مؤذن.