الشيخ محمد كامل بن السيد علي آغا المشنطط

 

بالنسبة لترجمة عم جدي الشيخ محمد كامل المشنطط الحلبي، فقد تعذر لي الحصول عليها بشكل مفصل لأن الشيخ -رحمه الله تعالى - لم يكن له من الولد الذكور غير السيد عبد المجيد وقد توفي الأخير منذ ثلاثين سنة ولم يعقب ، فلم يبق من يمكنه الإفادة بالمعلومات من العائلة ؛ وقد طلب مني من لا أرد طلبه عدد من أهل العلم والفضل أن أوافيهم بترجمته لتنشر في الشبكة العنكبوتية ويستفاد منها معرفة شيء عن حياته وأخباره ، فأقول وبالله التوفيق هذا ما استطعت تحصيله من المعلومات عنه رحمه الله تعالى :

 

اسمه ونسبه :

هو السيد الشريف العلامة الشيخ محمد كامل ابن السيد علي آغا ابن السيد عبد القادر آغا بن السيد عمر آغا المشنطط الزنابيلي الحسيني، الحنفي الحلبي مولدا ونشأة ووفاة ، يرجع نسبه إلى السيد إسحاق المؤتمن ابن جعفر الصادق من ذرية سيدنا الحسين رضي الله عنه .

أسرته و نشأته :

نشأ الشيخ في أسرة حلبية عريقة شريفة حسبًا ونسبًا وغنًى(١) فقد كانوا يقطنون في حي الفرافرة الذين لم يقطنه إلا وجهاء ذلك العصر والسراة ، وكان والده متوليا للبريد في حلب(٢) ومن كبار الأغنياء ، وكان وما زال في ذلك الحي يوجد زقاق يسمى (زقاق المشنطط) ،ورقم داره التي ترعرع بها هو (١٤ترقيم عثماني) حسبما أفادت بعض وثائق المحكمة الشرعية العثمانية التي اطلعت عليها ، وتلك الدار تقع بالقرب من جامع العثمانية المعروف ، وقد صاهر الشيخ المترجم آل الرفاعي الحلبيين وولد له ولدان ذكر وأنثى أما الذكر فهو السيد عبد المجيد الذي أشرت إليه ، والأنثى اسمها السيدة بديعة رحمها الله تعالى تزوجت من آل الكيالي .

صديقه الحميم :

 

كانت تربط الشيخ صلة وثيقة بصديقه الشيخ محمد نجيب سراج الدين الحسيني رحمه الله تعالى ، فقد قال الشيخ الدكتور نور الدين عتر حفظه الله تعالى في ترجمته لشيخه و خاله ووالد زوجته الشيخ عبد الله سراج الدين- رحمه الله تعالى-ما يلي :

 ملازمته والده:

وكان لجدنا [ يعني الشيخ محمد نجيب سراج الدين رحمه الله تعالى ] مع صديقه الشيخ كامل المشنطَط صلة خاصة، وكانا يذهبان سوياً لبعض المشاهد ويصحبان شيخنا [يعني الشيخ عبد الله سراج الدين رحمه الله تعالى ] معهما وهو صغير، ويمكثان في ذلك المسجد زماناً طويلاً يشتغلان بالذكر والدعاء، لاسيما إذا نابت المسلمين نائبة، قال شيخنا: وربما تزوّدا لهذه الرحلة بالزاد لطول المكث، وكنت لا أعرف ما يفعلان، لكن كان ذلك تحضيراً لي للمستقبل " انتهى .

 

دراسته وتدريسه :

درَس الشيخ المترجم في المدارس العلمية التي كانت على نظام المجاورة حسبما ترجح لدي بعد التأمل ، لأن الناظر المتأمل للفترة التي نشأ فيها المترجم( ١٨٩٠ فما بعد فيما إذا ابتدأ الدراسة وهو ابن عشر سنين فرضًا) يعلم أن ذاك النظام هو الشائع قبل أن ينحسر ويقل هذا النوع من الدراسة(٣) ، وقد تولى التدريسَ مع زميله الشيخ محمد نجيب سراج الدين رحمهما الله تعالى في الجامع الأموي الكبير في مدينة حلب ، كما تولى وظيفة تدريس الحديث الشريف في المدرسة الشعبانية كما ذكر ذلك مؤرخ حلب الشهباء ومسندها الشيخ أحمد محمد السردار رحمه الله تعالى حيث عد الشيخَ المترجَمَ من ضمن شيوخه وقت مجاورته في الشعبانية بقوله " ثم قرأت شرح الآجرومية........حتى قال :والحديثَ النبوي الشريف على كامل مشنطط في مدرسة الشعبانية . اه "(٤) ، ولم يترك المترجَم شيئا من المؤلفات حسب علمنا .

أوصافه الخلْقية والخلُقية :

وكان الشيخ رحمه الله تعالى لين العريكة سهل الأخلاق زاهدًا في الدنيا من العلماء المغمورين ومن الدعاة الصامتين -إن صح التعبير- أحبه من عرفه ، حنطي اللون بهي الطلعة مائلا للطول معتدل البنية ليس بالسمين ولا النحيف وكان لباسه الجبة والعمامة الملفوفة على الطربوش الأحمر .

وفاته :

و توفي الشيخ المترجم سنة 1960 عن عمر ناهز الثمانين في مدينة حلب ودفن في مقبرة هنانو(حي المشارقة) ثم نقل ابنه رفاته إلى مقبرة جبل العظام المعروفة قرب ثكنة هنانو بعد أن تم إلغاء مقبرة هنانو وإيقاف الدفن فيها لمدة تجاوزت العشر سنين ، ولم يخلف من الذكور غير ولد واحد هو السيد عبد المجيد وتوفي الأخير سنة 1985 تقريبا ولم يعقب، ومن الإناث إلا بنتا واحدة .

هذا ما توفر لي من المعلومات على هذه العجالة في حالة هجرتي وبعدي عن أهلي وبلدي نسأل الله تعالى أن يصب على قبره شآبيب الرحمة والمغفرة ، وأن يجزيه عن المسلمين خير الجزاء .

 

وكتبه يوم الجمعة 11 /ربيع الآخر / 1439 هجري

الموافق 29/ كانون الأول / 2017 ميلادي

 

أبو زاهد عبد الحميد ابن محمد نجيب ابن نذير ابن نجيب (شقيق المترجَم)، ابن السيد علي آغا مشنطط الزنابيلي الحلبي الحنفي -عامله الله بلطفه الجلي والخفي -

 

أورفا /تركيا 

..........................

(١) مما يدل على ذلك تلقيب أبيه وجده وجده الأكبر بلقب آغا وهذا اللقب لم يكن مستعملا إذاك إلا لكبار الأغنياء وملاكي الأراضي والضيع أما أبوه فقد قرأت على شاهد قبر أخ المترجَم ، جدي السيد (الحاج نجيب بن علي آغا مشنطط) هكذا بإثبات كلمة آغا ، وقبره في مقبرة جبل العظام ، وأما جد المترجم وأب جده فقد رأيت وصفهما بالآغا في بعض الوثائق العثمانية التي تخص المحكمة الشرعية في حلب . 

(٢)كما سمعنا من كبار عائلتنا.

(٣) انتسب رحمه الله تعالى إلى المدارس الشرعيَّة، والتزم المجاورة فيها،والنوم فيها، وذلك لأن طلب العلم كان قائماً على نظام المجاورة في المدارس الشرعيَّة، مثل صديقه الشيخ محمد نجيب سراج الدين رحمهما الله تعالى وكانت. مستويات المدارس الشرعيَّة وقتئذٍ على مراتب وأصناف ثلاثة: للمبتدئين فالمتوسطين فالمتقدمين والأخيرة في الشعبانية ، وقد كان الشيخ المترجم من مدرسيها فيما بعد فلا بد وأنه قرأ فيها وتجاوز هذه المراحل الثلاث من الدراسة والله أعلم .

(٤) ترجمة الشيخ السردار منشورة على منتدى الأزهريين 

http://www.azahera.net