العالم الأزهري الجليل الفقيه محمد صديق ريس رحمه الله

من أعلام اللاذقية واعيانها

وجه منير من اللاذقية

ولد الشيخ الجليل عام 1900 في بيت علم ودين لأب ينحدر من سلالة باني وواقف جامع المينا ، ولأم من بيت معروف بالعلم والأدب ابنة العلامة الاديب نقيب الاشراف محمد سعيد أزهري رحمه الله.

تلقى علومه في حلقات العلم باللاذقية عند أكابر علمائها حيث تربع في حلقات القرآن والسنة النبوية الشريفة والفقه عند خاليه العالمين الكبيرين نقيبي الأشراف لوقتهما الشيخ محمد مواهب والشيخ محمد محاسن أزهري رحمهما الله. ثم اكمل دراسته في الأزهر الشريف ودرس الإعدادية والثانويه والمرحلة الجامعية وبقي به 13 عاما ينهل من العلوم عند أكابر علماء ذاك العصر حيث كان الازهر الشريف يعج بأكابر العلماء من كل صوب وحدب اضافة لعلماء مصر الكبار، ولقد تخرج الشيخ الجليل منه بتفوق ورجع الى بلده لنشر العلم. 

ينحدر الشيخ الجليل من أسرة عريقة في اللاذقية فجدهم باني وواقف جامع المينا الريس حمودة الذي قدم من تونس وبنى مسجدا واستقر بالبلدة.

استلم الشيخ الجليل عدة مناصب دينية أهمها الخطابة في جامع البازار والتدريس في جامع الكبير الذي كان قريبا من بيته الواقع في حي الصباغين، وهذا البيت العربي الجميل ما زال قائما بعد أن تم ترميمه من قبل ابنته الفاضله.

كان رحمه الله خطيبا مفوها ألمعيا وفقيها بارزا كبيرا لا سيما في الفقه الحنفي الذي برع به، وكانت الناس تقصده دائما لتحري أمورهم الدينية والاستشارات والفتاوي، فلقد كان من علماء البلدة البارزين المتمكنين رحمه الله رحمة واسعة واسكنه جنات النعيم مع النبيين والصديقين وحسن اولئك رفيقا.

اهتم الشيخ الجليل باقتناء الكتب، وكانت عنده مكتبة عظيمة مليئة بأمهات الكتب. وكان رحمه الله من علماء الحق الذين وقفوا مع الحق ولم يحيدوا عنه وقال الحق جهرا، وله مواقف مشرفة معروفة جعلها الله في ميزان حسناته، عرض عليه منصب الإفتاء باللاذقية بعد وفاة صديقه مفتي اللاذقيه الشيخ عبد الحليم محمودي رحمه الله، ولكنه اعتذر ولم يقبله.

كانت تربطه علاقات طيبة مع علماء العالم الإسلامي لا سيما مع علماء بلاد الشام كالشيخ العلامه محمد الحامد الحموي رحمه الله وغيره ممن تعرَّف عليهم خلال إقامته بمصر ودراسته بالأزهر الشريف لا سيما في الرواق الشامي.

وقد التقى الشيخ محمد منير عبده أغا النقلي الدمشقي الأزهري - صاحب دار الطباعة المنيرية بالقاهرة والمتوفى عام ١٣٦٧ هجريه في القاهرة- بالشيخ الجليل خلال طلبه العلم في الازهر الشريف فذكره في كتابه حال اهل البلاد الاسلامية علما وعملا وقال خلال رحلته الى اللاذقية: والسيد الحاج حمودة الريس الحسني، ترك ذرية صالحة (الريس الحاج حمودة بن إبراهيم التونسي هو من قدم من تونس وبنى جامع الميناء عام ١٧٤٨ م وهو جد آل الريس باللاذقية) من فروعها السيد الصديق ريس القادري الحسني ذو الأخلاق الحميدة والخصال المجيدة ، وهو الان مجاور في الازهر الشريف يتم دراسته، وله همة عالية في إلقاء الخطب والدروس في المساجد، يحث الناس على التمسك بالدين وتهذيب أخلاقهم، وله رحلات كثيرة الى البلاد الاسلامية. انتهى ما ورد في هذا الكتاب ولعمري إنها لشهادة عالية رفيعة تليق بهذا الشيخ الجليل والفقية المتبحر في شتى أنواع العلوم طيب الله ثراه.

وكان العلامة الشيخ يحيى بستنجي رحمه الله يثق به وبعلمه كثيرا حتى انه كان يحيل بعض السائلين عن الفتاوي إليه لثقته به حيث كان بحرا في الفقه الحنفي رحمه الله.

توفي رحمه الله في ١٨ من حزيران عام 1992 واعلموا له من مكبرات المساجد وشيع جثمانه الطاهر في موكب رهيب إلى مثواه الاخير، وكانت جنازة مشهودة، وتم الدفن في مقبرة القلعة نور الله ضريحه.

أشكر نجلة الشيخ الجليل البارة، واقرباءه على تقديم المعلومات عن جارنا وشيخنا وصديق والدنا رحمهما الله.