الشيخ أحمد الكعكة

مقدمة ليست من المنشور فلا تحسبوها عليَّ.

لماذا أكتب هذه  السطور  المضيئة ؟

هل لأملأ فراغكم أم لتسليتكم  أم  لأعزز موقع حمص  وأقول:  حمص فريدة في علمائها وصالحيها 

وجوابي  أنني أكتب  لا لأملأ فراغكم  فكل عنده مايشغله ولا  لتسليتكم فهناك القصص المسلية الكثيرة  وأهم شيء أنني أكتب لا لأقول إن حمص وحيدة بين المدن في علمائها وصالحيها   ذلك لأني قلت أكثر من مرة : إن سورية بكل مدنها وقراها مليئة بمثل هذه النماذج الطاهرة والصالحة وغنية جداً  بمثل هذه المنارات   والقامات العلمية 

قلت : لماذا أكتب  هذه السطور المنيرة ؟

إذن هي أسطر منيرة  أكتبها فقط لتنير لأجيالنا الطريق وتجعلهم يتعلقون بحب أمثال هؤلاء  الأعلام 

----

الآن شغلوا العداد!!!

وحتى لا يسرح قلمي كما سرح أمس في غير ما وعدتكم به  وهو أن أحدثكم عن  شيخ الصفاء والسريرة الطيبة وشيخ الفقه الشافعي في حمص  الشيخ أحمد الكعكة رحمه الله أبو موفق 

أقول: إن بصمة الصفاء ظهرت عليه منذ صغره   كما أن توجهه للعلم الشرعي  فطرة  وسجية.

وهاهو يدرس في المدرسة الشرعية  الوحيدة في حمص ثم  شد رحله إلى الأزهر الشامي  السوري وهو (المدرسة الخسروية ) في حلب، وهناك عرف الشيخ أحمد أولئك الجهابذة  من المدرسين  فيها أمثال الشيخ أحمد الزرقا كما عرف أولئك الطلبة الطيبين  فيها أمثال الشيخ محمد الحامد رحمهم  الله جميعاً وأصبح الشيخ الحمصي  بجده واجتهاده على لسان  الجميع.

التحصيل العلمي يأتي بفتح من الله مع الجد والاجتهاد والكسب، ولكن طيب القلب وصفاء السريرة  والروحانية العالية عند الشيخ أحمد كانت هبة من الله وليس للكسب فيها دور، والذي سقى  شجرة طيب قلبه وصفاء سريرته  كثيرون، ولكن النصيب الأوفر كان للشيخ (أبو النصر خلف ) رحمه الله تعالى هذا العالم الرباني الذي ذاع صيته وعلا كعبه  آنذاك في شمال سورية وشرقها فقليلون في الشمال السوري والجزيرة الذين لا يعرفون الشيخ (أبو النصر خلف) رحمه الله.

والمهم أن الشيخ أحمد الكعكة نال من اهتمام شيخه (أبو النصر ) الشيء الكثير وخلال السنوات التي قضيتها مع شيخي أبو موفق لا تكاد  تمر جلسة إلا ويذكر  فيها  الشيخ أحمد شيخه  (أبو النصر) يذكر مناقبه وعلومه  ورعايته له.

وعاد الشيخ أحمد من الخسروية في حلب عاد إلى حمص وصار إماماً وخطيباً

وهنا لن أحدثكم عن شيخ يهز أعواد المنابر ولا عن شيخ صاحب مؤلفات ولا عن رجل محاضر في الجامعات ولا أحدثكم عن شيخ يحرك الجماهير إنما أحدثكم عن عالم رباني خالط حبه شغاف قلوب الناس وكان لإرشاده أثر كبير في حمص وقراها.

 شيخ قريب من قلوب  الناس له طريق  معروفة لا يغيرها بغدوه ورواحه، وله حياة رتيبة معروفة لدى محبيه.

رحمك الله أبا موفق...علم وفقه ودعابة وأدب وكرم.

إذا قال الشيخ  كلمة في الفقه  فكلمته فصل وتواضعه عجيب  ومداومته على الذكر قلَّ نظيرها.

تعلق بجلسات الذكر كثيراً وله في أكثر الجلسات كلمة يتحدث فيها عن صالحي هذه الأمة.

يحب أن يسمع المدائح النبوية وله على كل قصيدة  يسمعها تعليق وشرح عجيب.

وفي المعهد العلمي الشرعي في مسجد خالد بن الوليد رضي الله عنه وخلال عشرات السنوات  كانت له بصمة فقهية وروحية على مئات الطلاب كم وكم  من الدروس  حضرتها بين يديه وفِي بيته  ؟؟

تمر عبارة غامضة  يقف الشيخ عندها  يقول: أتركوها. ومعنى أتركوها أن الشيخ لن ينام تلك الليلة حتى يأتي بحلها. نأتي في اليوم التالي وإذا بأكثر كتب الشيخ نزلت من على الرفوف وصارت  على الأرض فيبتسم ويقول: مانمت الليلة من كثرة البحث في المراجع حتى وجدت  حل مسألة أمس.

رحمك الله أبا موفق  

ومرة زار حمص الفقيه الشافعي الدمشقي  الشيخ ملا رمضان رحمه الله، واجتمع به الشيخ أحمد وللبركة وتواضعاً طلب من الشيخ ملا إجازة في الفقه الشافعي، وكان يعرف عن الشيخ ملا تشدده في إعطاء الإجازة وفِي الوقت ذاته هو لا يعرف من هو الشيخ أحمد الكعكة  فرفض  أن يجيزه فلم ينزعج الشيخ أحمد، لكنه وبذكاء صار يذاكر الشيخ ملا بأمور ومسائل  دقيقة في الفقه الشافعي وفي شتى الأبواب لا يعرفها إلا العالم الضليع والنحرير وهنا وفجأة التفت الشيخ ملا للشيخ أحمد  وقال له: أجزتك أجزتك أجزتك. وكأنه يعتذر له.

وغرفة  الشافعية غرفة الشيخ طاهر الرئيس  تشهد له حضوره وحضورالدرس الصباحي اليومي مع علية العلماء كما تشهد له جلوسه للفتوى فيها عدة سنوات.

وحتى لا  أنسى  كان للشيخ أحمد  الكعكة والشيخ طيب الأتاسي والشيخ نديم الوفائي وشيخ آخر أظنه الشيخ طاهر الرئيس لكل واحد منهم درس عقب الآخر وذلك كل يوم  بين الظهر والعصر في الجامع الكبير في رمضان فقط.

ينتهي شيخ ويبدأ آخر والناس يحضرون ويغادرون كل حسب فراغه ورغبته.

رحمك الله أبا موفق ونور ضريحك،وجزاك الله عن الأمة  كل خير  وبارك في عقبك وذرياتك.