العلامة الداعية المفكر الدكتور محمد أديب صالح أبو إقبال

 

 يعدّ الدكتور محمد أديب رحمه الله من جيل الرواد في النهضة الفكرية والدعوية في بلاد الشام فقد رأس تحرير مجلة حضارة الإسلام بعد وفاة الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله إلى أن أغلقها حافظ الأسد في مطلع الثمانينيات، وكان من الرعيل الأول من مدرّسي كلية الشريعة بجامعة دمشق ، مولده في قطنا في ريف دمشق، وعاش جل حياته في دمشق ، وكان من أعز أصدقاء والدي فكانت تربطهم أخوة صادقة، وقلما يمر يوم أو أيام دون لقاء أو زيارة بينهما وخصوصاً بعدما سكن الفقيد حي الميدان بدمشق فقد سكن في منطقة الثريا.

 ومن مآثره : أنه كان في عقد السبعينيات فضلاً عن نشاطه الدعوي المعروف لدى الكثيرين كان يدرس في مساجد دمشق فقد كنت أحضر درسه الصباحي في مسجد الثريا في الميدان الذي بدأه في رمضان وظل مدة ثم منع وكان يتحدث فيه عن دروس السيرة النبوية، وكان هو وشيخنا الشيخ حسين خطاب شيخ القراء يتعاقبان التدريس في المسجد، والشيخ رحمه الله من كبار أصوليي الشام (أصول الفقه) بل العالم الإسلامي وكتابه تفسير النصوص يشهد بذلك فهو مرجع في بابه، وكذلك تحقيقه لكتاب تخريج الفروع على الأصول للزنجاني، وكنا نتلهف لصدور أعداد مجلة حضارة الإسلام التي كان يكتب فيها المقالة الافتتاحية لكل عدد، ثم جمعت هذه المقالات في كتب، فضلاً عن حياته العلمية والأكاديمية الزاخرة بالمنجزات فقد كان يعد من رواد الحركة الإسلامية في بلاد الشام، وكان بسبب صداقته بالوالد الكريم ولقاءاتهما المتكررة التي كنت أرافقه فيها تعرفت على هذا العلم الشامخ عن قرب الذي جمع بين العلم والأدب والظرافة والرزانة والهدوء ، فمجلسه مجلس علم وأنس، لا تفارقه هموم الدعوة والدعاة وقضايا الأمة في العالم الإسلامي، وافته المنية اليوم الأحد ٨ من شوال ١٤٣٨ في الرياض مع أذان الظهر في غربة طالت عن الوطن منذ أواخر السبعينيات إلى أن كان يتردد على عمان في الصيف وكانت داره فيها محجّ الدعاة وطلبة العلم، تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنته.