الشيخ المجاهد محمدغياث أبو النصر البيانوني

عندما التقيته خارج سورية ، أحسست أنني أعرفه منذ زمن طويل ، وأن مابيننا من التوافق في وجهات النظر جاء نتيجة حوار ومعايشة طويلة ! 

لم يكن اسمه غريباً أوجديداً عليّ ، أذكر أنني مررت على جامع أبي ذر بحلب ، مع  شيخنا عبد الباسط أبو النصر لإلقاء قصيدة في مديح المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وكانت المناسبة تجديد المسجد ، الذي ازدان بنخبة من العلماء وطلاب العلم في تلك الليلة ، ورأيت أبا النصر البيانوني ، وكانت معرفة عابرة ! 

وجاءت أحداث جسر الشغور في آذار ١٩٨٠٠ ، واضطرارنا مع عدد من الإخوة للانحياز إلى الجبال المحيطة ، فاجتمعت قدراً بالاخ الشهيد عبد الوهاب مصطفى ، الذي كان على معرفة بأبي مجاهد أيام دراسته في حلب ، فحدثني عنه طويلا ً ، وأنهما كانا في فريقين رياضيين متنافسين ، وأن الشيخ لم يمنعه زي العلماء من الرياضة وممارستها !!

 وقدّر الله أن نلتقي في ديار الاغتراب ليجمعنا العمل المشترك لتخليص بلدنا المنكوب من براثن الباطنية ، وأصبح - رحمه الله- الأمين العام للجبهة الإسلامية ، وكثرت أسفاره ومشاغله ، فأوكل إليّ تمثيل الجبهة في اللجنة الإعلامية للتحالف الوطني لتحرير سورية ، وإصدار البيانات باسم الجبهة ضمن أطر معينة ، وخطوط عريضة ، أطلعني رحمه الله عليها ، حتى لا يتوقف العمل في حال سفره . 

 كان أحد الإخوة يمازحني قائلا ً: هل أبو النصر البيانوني شيخك ؟ فأنتما في عمر واحد ، فأقول : وقد أكبره بشهور ، فما الغرابة في ذلك !؟ وليس هو شيخي فقط ، فأبوه الشيخ أحمد عزالدين ، وجده الشيخ عيسى شيخاي أيضاً ! فيظهر شيئاً من التعجب ، فأختم الحديث معه بالقول :وكل شيخ حضرت عليه ، أو لم أحضر ، قرأت له أو لم أقرأ، شيخ لي ، مالم يكن خرافياً أو تكفيرياً ، أو ملوثاً مع نظام قذر معادٍ لله ولرسوله وللمسلمين ! 

رحم الله أبا  مجاهد مجاهدا ، وأخاً كريماً ، شجاعاً ، جريئاً ، سهلا ً ، متسامحاً ، وقد ترك أجمل الذكرى وأعطرها في نفوس محبيه وعارفيه !! 

 وأستعير أبياتاً من قصيدة لأخي وصديقي الشاعر عبدالله عيسى السلامة كان رثى بها الأخ أبا مجاهد - طيّب الله ثراه -

أبا النصر مٓن يبك ِالهدى يبك ِنفسٓه = فماالزهرُ إن زال الأريجُ من الزهر ِ!؟

لقد مِتّ لما مات في الشمس شوقُها = إلى الصبح ، واستُلّ الضياءُ من الفجر ! 

لقد مِتّ لما أصبح الموت ُ مُفزِعاً  = لغيرك ، واستعلى الغراب ُ على الصقر ِ!؟