الدكتور عدنان الدليمي رحمه الله تعالى

 

كلمة موجزة في حياته وسيرته 

 (المولد والنشأة):

ولد عدنان محمد سلمان الدليمي في محافظة الأنبار غرب العراق عام 1932. وتنتمي أسرته إلى عشيرة "البوعيثة"، وفي توثيق نسبه يقول الدليمي: "يتصل نسبنا (أعني الدليم) بقبيلة الزبيد اليمنية التي ينتسب إليها كثير من العشائر العربية العراقية، وتنتمي عشيرة البوعيثة إلى عشيرة أكبر وهي عشيرة البوذياب التي تسكن مقابل مدينة الرمادي".

(الدراسة والتكوين):

درس في المساجد وتتلمذ على أيدي شيوخ كبار منذ أن كان عمره 18 عاما، ومنذ صغره اهتم بالدعوة والإرشاد.
تعرّف الدليمي وهو طالب على الكثير من التيارات والأفكار، لكنه اختار مبكرا الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين في العراق. 

(حياته وأعماله):

 •  حصل على شهادة الماجستير عام 1965 م، من كلية الآداب في جامعة القاهرة، ثم حصل على شهادة الدكتوراه في اللغة العربية في عام 1969. 
  •  انتمى إلى الحركة الإسلامية منذ كان عمرهُ ثمانية عشر عاماً، وكان اهتمامه منصباً للدعوة والإرشاد وسافر من أجلها إلى جميع محافظات العراق، ولخارج العراق أيضاً. 
  •  عمل مع الشيخ محمد محمود الصواف والشيخ أمجد الزهاوي وامتاز بهمته العالية. 
  •  عمل في التدريس في كلية الشريعة في مكة المكرمة، في فترة الستينيات ولمدة ثلاث سنوات.

التجربة السياسية:

تعرض عدنان الدليمي لمطاردة النظام السابق في العراق خلال التسعينيات، فاختار مغادرة البلاد عام 1994 متجها إلى الأردن، حيث عمل في جامعة الزرقاء الأهلية عميدا لكليتي الآداب والشريعة، وكان أستاذا للدراسات العليا فيها.
برز اسمه بعد عودته إلى العراق قادما من العاصمة الأردنية عمّان، حيث شارك في العملية السياسية بعد سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين عام 2003.
وعيّن الدليمي بعدها مستشارا لرئيس الجمهورية العراقية جلال الطالباني لفترة وجيزة، لكنه غادر منصبه ليشكل كيانا سياسيا أطلق عليه "مؤتمر أهل العراق"، تمهيدا للمشاركة في انتخابات عام 2005.
شارك بـ"المؤتمر" مع الحزب الإسلامي العراقي بزعامة طارق الهاشمي وزعيم جبهة الحوار خلف العليان، في تشكيل جبهة التوافق العراقية (أكبر تكتل للسنة عام 2005)، وحصلت هذه الجبهة على 44 مقعدا في البرلمان العراقي.
وعن الغاية من تأسيس هذه الجبهة، يرى الدليمي -في حديث للجزيرة عام 2005- أنها "تهدف لتشكيل تكتل قوي يجمع العراقيين من أجل الوقوف في وجه الشعوبيين، وفي وجه الذين يريدون أن يقسّموا العراق ويبددوا الثروات. الجبهة تقف في وجه الذين يحكمون العراق وعوائلهم ونساؤهم بالخارج".
برر الدليمي موقفه من المشاركة في العملية السياسية بينما يخضع العراق للاحتلال الأميركي بالقول إن "التاريخ يحدثنا عن الدول التي احتلت أنها كانت فيها جماعات تعمل بالمجال السياسي وتفاوض وتؤلف الأحزاب والتكتلات وتناشد الأمم، وإلى جانب هؤلاء كان هناك أناس يحملون السلاح ليقاوموا المحتل، ليس هناك تعارض بين الجانبين"، وكرر دعوته لسيادة العراق وتحرره كما أعلن رفضه تقسيم بلاده.
انتقد سياسية حكومة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، ودَعَم تحركات السنة المعارضة لهذه السياسية، فقد قال في حوار صحفي إن "أهل السنة في العراق غاضبون من رئيس الوزراء نوري المالكي ومن جميع الأحزاب الشيعية لأنهم تمادوا في ظلم السنة، وعمدوا إلى تحويل العراق إلى دولة شيعية يكون العرب السنة خارجها".
عارض الدليمي التدخل الإيراني في بلاده، وقال:" إن العراق أصبح في قبضة يد الشيعة الموالين لإيران والذين يدينون لها بالولاء المذهبي والسياسي، وإيران في الواقع هي التي تدير الحكم في العراق عن طريق عملائها الذين يحكمونه".
واستمر الدليمي رئيسا لكتلة "جبهة التوافق" في البرلمان العراقي لدورتين، حتى أصدر المالكي مذكرة قبض بحقه، اتهمه فيها بـ"الإرهاب"، واعتقل اثنين من أبنائه، وأغلق مقر حركته السياسية في بغداد.
ونظرا للمضايقات التي واجهها -ومنها تعرضه لعدة محاولات اغتيال- لم يمكث الدليمي في بلاده طويلا، فقد ترك العراق عام 2007 واستقر في الأردن بعد صدور مذكرة اعتقال من القضاء العراقي بحقه بتهمة دعم الإرهاب، كما صدرت بحقه أحكام قضائية.

(المؤلفات):

صدر للدكتور عدنان الدليمي -المعروف بلقب "رحالة الجامعات العربية"، كونه عمل في جامعات بدول عربية مختلفة - عدة مؤلفات، من بينها كتاب: "ثلاث رسائل لغوية".
نقل أبرز محطات حياته في كتاب "آخر المطاف سيرة وذكريات"، ولخص أسباب تأليفه بالقول إن "التاريخ يجري ويسهم في صياغته وتسجيل أحداثه البشر، وكل إنسان مهما كبر أو صغر له إسهام في تسجيل صفحات التاريخ، وقد تكتب تلك الصفحات أو تهمل، ولكن هناك سجل رباني يحفظ كل تحركات البشر ولا يزكي الأنفس إلا الله، وهو المجازي" 

 (وفاته) :

قبل نحو عامين من وفاته، أجبر المرض الدليمي على الابتعاد عن عالم السياسة، واستقر في أربيل.
 توفي بعد صباح فجر الأربعاء 7 من شعبان 1438 الموافق  3 من أيار 2017 في مدينة أربيل بعد معاناة مع المرض عن عمر بلغ 85 عاما. 
شيِّع من داره في حيِّ المهندسين بأربيل وأقيم مجلس العزاء في جامع جليل الخياط. 

(رثاؤه) :

 رثاه رجال الدعوة الإسلامية  في العراق : " بمزيد من الرضا بقضاء الله وقدره تنعي الحركة الإسلامية في العراق العالم الإسلامي عامة وأهل السنة خاصة بفقيدها الدكتور عدنان الدليمي الذي وافته المنية في أربيل بعد عقود من العمل والبذل والعطاء في أرض العراق من شماله إلى جنوبه، فلم تلِنْ له قناة ولم تنزل له راية وهو يذود عن حياض أهل السنة في العراق وخارجه... سائلين المولى له القبول والرحمة،  ولأحبابه وطلابه وللأمة الإسلامية تمثّل سيرته اقتفاء أثره والثبات على مواقفه". 
تعزية هيئة عـلـمـاء فـلـسـطـيـن فـي الـخـارج 
http://palscholars.com/post/5264
 
♦ *تعزية بوفاة المربي الدكتور عدنان الدليمي* ♦
 
   بسم الله الرحمن الرحيم
 
*" مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا "* الأحزاب/23
 
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وبعد:
 
فإنَّ هيئة علماء فلسطين في الخارج تتوجه إلى الأمة الإسلامية وإلى الشعب العراقي الشقيق بوفاة قامةٍ شامخة وهامةٍ عالية من هامات الأمة الإسلامية، وهو:
 
*فضيلة الدكتور المربي عدنان الدليمي*
 
الذي وافاه الأجل يوم الأربعاء 07/شعبان/1438هـ الموافق 03/05/2017م في العراق الشقيق، وإننا إذ نعزي أهل الفقيد وطلابه والشعب العراقي والأمة الإسلامية فإننا نضرع إلى الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يتقبله في عباده المؤمنين الصالحين وأن يرزقه صحبة نبيه صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى، ويلهمهم الصبر والسلوان.
 
إنا لله وإنا إليه راجعون
 
                                                                                                     
  08/شعبان/1438هـ  
04/05/2017م
 

 

وكتب تلميذه د. محمد عادل شوك: 

( عمودُ المجدِ ينهدُّ اليوم في أربيل )
استيقظتْ أربيل في هذا اليوم ( الاربعاء: 3/ 5 )، على خبر هزّ المشاعر، و أحزن القلوب، و ترك في القلب ثلمة، إنّه خبر موت أبينا، و أستاذنا، و معلمنا: الأستاذ الدكتور عدنان محمد سلمان العيثاوي ( د. عدنان الدليمي )، بعد معاناة مع الأمراض، و الهموم.
لقد كان رحمه الله علَمًا من أعلام العراق، و الأمة: عِلمًا، و كرمًا، و حرصًا، همةً، و سلوكًا، و انتماء إلى قضايا وطنه و أمته.
لقد عرفته كما عرفه مئات الطلبة السوريين، الذين وجدوا في وطنه و بيته، الوطنَ، و البيتَ في أثناء إقامتهم في العراق.
لقد كان يأخذ بنا إلى برّ الأمان و الطمأنينة كلما قصدنا مراكبَه، و ولجنا بيتَه، و طلبنا الأنس في مجلسه، و الرأيَ و المشورةَ في المدلهمات من الحوادث.
لقد جلسنا على مائدته و أكلنا طعامه، و شربنا شايه المعتق، و ابتلت عروقنا من مياه دجلة في بيته، في حي العدل، في غرب بغداد.
لقد حنا علينا في جامعة بغداد، في قسم اللغة العربية، في كلية آدابها، التي ضمّت خيرة أساتذة العراق ردحًا من الزمن.
لقد وجدنا الحب و الحنان في أرقى معانيهما في أولاده: محمد، و مجاهد، و مثنى، و مصطفى، و مكي، و منقذ، و لاسيما ( د. مصطفى ) الذي يعجز اللسان و القلم عن ذكر مناقبه الحميدة.
رحمك الله أستاذنا، وأبانا، وراعينا، وقدوتنا، ومعلمنا ( د. أبا محمد )، وجعل مسكنك الجنة في عليين، وألهم أهلك وأبناءك وذويك  أحبابك الصبر و السلوان، و عوضهم عن فقدك جميل الصبر و السلوان.
وإنني، وأحبابك من طلبة العلم السوريين، في جامعات العراق الأبي، لنرى في فقدك عمودَ المجد قد انهدّ اليوم في أربيل، ليصل صداه إلى بغداد، ومن ورائهما إلى العراق والأمة جمعاء.

 

وكتب الأخ الكريم الدكتور سعد الكبيسي :  

  ((إلى الصدّاح الجَسور))   مهداة لروح د. عدنان الدليمي 

  تداعى الموت أن يأتي سراعا                           ويختطف الشجاعة والشجاعا 

ويُطفئ أنجما لمعت طويلا                           ويُبقي ذكرَه الباقي شعاعا 

ويرقى ظهر من حملت بصدق                           هموم الدين والدنيا تباعا 

 وما تجدي النفوس إذا تداعت                            لتبكيهِ اذا موت تداعى 

مضى لله مقداما جسورا                           وأتعب في مناقبه اليراعا 

وأحيا كل خامدة الليالي                           بصوت كان صدّاحا مُطاعا 

وعاش لسفننا ربان خير                           فإن كُسِرَ الشراعُ غدا شراعا 

ولو كان المسيرُ الى المنايا                           لأقدم يُرجع الحق المُضاعا 

وعيب الأكرمين رجال حقٍ                           وما عرفوا إذا قالوا الخداعا 

سيدفع عنكمُ الرحمن شرا                           فأخجل عنكمُ ألقي الدفاعا 

دعوت الشعر أن يبكيك فقدا                           فيأبى الشعر أن يشدو الوداعا 

سلاما قلعة شمخت فغابت                           سنبني من مآثرها القلاعا  

   وقال الشاعرالسوري معتصم الحريري: 

إن الرجال إذا ما غادروا تركوا                                       وجه الحياة ندوبا والدنا هلعا تبكي

الصقور على عز النفوس إذا                                        رأت من الجو ذاك الباز قد وقعا لا

لست أرثيك يا شيخ العراق ومن                                         يبكي محبا إلى محبوبه رجعا

 لكنها غصة حاولت أكتمها                                     فقطعت مهجتي من هولها قطعا -