في رثاء العلامة الكبير الشيخ عبدالكريم المدرس رحمه الله تعالى

 

ماذا جرى في دوحةِ الزَّوراءِ 
ماذا يَرى بين الجموعِ الرائي؟ 
يا أيها الشيخُ الجليلُ تحيةً 
مِنْ معجبينَ بهديكَ الوضَّاءِ 
لم يَسْرِ نفعُك في العراقِ لوحده 
بل سارَ في الآفاقِ والأنحاءِ 
في كل صقعٍ رايةٌ لهدايةٍ 
وبكلِّ أرضٍ مشعلٌ لشفاءِ 
مَنْ كان يدري حين جئتَ إلى الدُّنى 
بتواضعِ البُسطاءِ والفقراءِ 
أنَّ الرحيلَ يكونُ خطباً مُؤلماً 
ويُعيدُ نعشُكَ عزَّةَ العلماءِ؟


 

                             ♦ ♦ ♦
شيخٌ يَمُرُّ به الزمانُ فينحني 
ممَّا يَرى مِنْ قوةٍ ومَضاءِ 
جسمٌ نحيلٌ غيرَ أنَّ صلابةً 
في الروحِ تَستعصي على الإعياءِ 
ومضى وخلّفَ مِنْ بنيه وصحبهِ 
في العلم ما يربو على الإحصاءِ 
كم مَرَّ مِنْ جيلٍ هنا، كم معشرٍ 
جلسوا لنيلِ العلمِ صبحَ مساءِ؟ 
والآنَ فاهنأْ باللقاءِ ففيهِ ما 
ترجوه مِنْ نُعْمى وطيبِ لقاءِ 
للعبدِ عند اللهِ أنقى منزلٍ 
ما دام سيرُ العبدِ سيْرَ نقاءِ 
وهناك يَخترقُ الحجابَ مُمَّتعاً 
بالقربِ في نَهَرٍ وفي أفياءِ 
عندَ المليكِ وحبَّذا "عِنْدِيةٌ" 
هيَ للمُحبِّ خلاصةُ النَّعماءِ 
                             ♦ ♦ ♦  
يا ربِّ يا أملَ القلوبَ ومفزَعَ ال 
أرواحِ، يا أهلاً لكلِّ رجاءِ 
قد جاءَ عبدُكَ بعد قرنٍ عاشهُ 
للدِّينِ لم ينظرْ إلى الأشياءِ 
فاغفْر له وامنحهُ يا ربِّ الرضا 
ورضاكَ يا مولاي خيرُ جزاءِ 
واكلأْ مسيرتَهُ التي قَدْ كُلِّلت 
بالعلمِ واحفظها من الأهواءِ 
وأقمْ لها حَرَساً من الأبناءِ 
يترسمونَ مسالكَ الآباءِ 
حتى تظلَّ منيرةً وقادةً 
فيها نسيمُ الخيرِ في الأجواءِ
 

 

ولد في شهر ربيع الأول سنة 1323هـ/ أيار 1905م، في قرية (بيارة) في شمال العراق، ومِنْ هنا كان يُقال: الشيخ عبدالكريم بيارة.

وتوفي في بغداد يوم الإثنين (25) من رجب سنة 1426هـ/ 29 آب 2005م.

وتمَّ تشييعه في موكبٍ مهيبٍ، ودُفِنَ في المقبرة القادرية.