الشيخ عبد القادر الأرناؤوط (في الذاكرة)

 

كانَ من علماء السنة الصحيحة والعاملين بها، ومن كبار محقّيقيّ الحديث الشريف، قابلته في بداية تسعينات القرن الماضي عندما عدتُ من الولايات المتحدة الأمريكية إلى دمشق، كانتا إبنتيَّ في الثامنة والخامسة من العمر، وكنتُ بِحيرةٍ من أمري أيُّ المدارس أفضل لهنَّ ؟!

 

إنّهُ الشيخ عبد القادر الأرناؤوط رحمهُ الله، التقيتُ بهِ عدة مرّات، من بينهم لقاءٌ خاص شرحتُ له وضعي فأشار عليّ ببعضِ المدارس الخاصّة.

.

استمعتُ إليهِ يجيبُ على مسألةٍ فوجدتُ نفسي أمامَ عالمٍ فقيه يفتحُ العقولَ ويجذبُها، ذو هيبة ووقار، سألتهُ عن حديثٍ لا أدري صحته فسرد لي سنده حتى وصل لرسول الله ﷺ.

 

 اعتدتُ الذهاب لبعضِ دروسهِ عن شرح السنة النبوية، والتي تُقام بجانب جمعية الإسعاف الخيري بحيّ المزّة، رغمَ أنَّ الشيخ رحمهُ الله ممنوعٌ من إلقاء الخطب والدروس لجرأته بقول الحقّ، فهو لا يخشى بالله لومة لائم. 

 

سألتهُ عن أحد مشايخة الطريقة، فأجابني بكلماتٍ بقيّت في ذاكرتي حتى الآن:

 

نحنُ عبادُ الله، لا نُكفّرُ أحداً، ولا نفسّقُ أحداً، ولا نُبدِّعُ أحداً.

 

يستمعُ لوعظهِ وإرشادهِ المعتكفين بليلةِ القدرِ في رمضان بمسجد دكّ الباب من كل عام، كان رحمهُ الله رجلاً وقوراً مبجّلاً معتدلاً بالطرح والمنهج، بعيداً عن التشدّد، ليس فظّاً ولا جافّاً، يتكلّمُ بإسلوبٍ بسيطٍ ورقيق.

 

تعودتُ النصحَ للذاهبين لمعرضِ الكتاب الذي يُقام في دمشق كل عام، أنّ عليكم بتحقيق الأرناؤوطين، أي الشيخين عبد القادر الأرناؤوط وشعيب الأرناؤوط.

 

ماتَ رحمهُ الله ولم أحضر جنازتهُ، كنتُ خارج البلاد، لكنَّ مقبرة الحقلة في حيّ الميدان، تضّمُ جثمان واحداً من أعلام السنّة النبوية المطهرّة الذي أفنى حياتهُ بخدمتها، ولو عاشَ في غير زماننا هذا، لأُطلقَ ذاكَ الجيل أسماء شوارع ومدارسَ على اسمه.

 

رحمكَ الله يا شيخ عبد القادر الأرناؤوط، كُنتَ المَرجع السَلَفي الوسطي المعتدل في الشام.