الأستاذ مسعود الكواكبي

 

1281 ـ 1348 هـ

1864 ـ 1929 م

 

الشيخ محمد مسعود أبو السعود بن أحمد بهائي بن محمد مسعود بن الحاج عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن يحيى بن محمد بن الشيخ أبي يحيى الكواكبي.

عالم، أديب، شاعر، لغوي، نقيب الأشراف في حلب، وعضو المجمع العلمي العربي في دمشق. 

ولد الشيخ المترجم له في مدينة حلب، في الثلاثين من شعبان، سنة: إحدى وثمانين ومئتين وألف للهجرة، الموافق للسابع والعشرين من كانون الثاني، عام: أربع وستين وثمانمئة وألف للميلاد، في أسرة عرفت بالعلم والفضل، فوالده الشيخ أحمد وفائي أحد علماء حلب الكبار، وفرضيها الأوحد في زمانه، ومفتي المدينة ومدرس الجامع الأموي الكبير( )، في هذه البيئة العلمية الصالحة، نشأ المترجم له، وحفظ نصف القرآن الكريم، وأخذ مبادئ العربية والفقه والمنطق عن والده الشيخ أحمد بهائي، وعن الشيخ محمد الكحيل، والشيخ عبد القادر الحمصي، وتعلم مبادئ اللغة التركية واللغة الفرنسية والرياضيات في المدرسة (الرشيدية الرسمية) بحلب، وأكمل تحصيله لهذه العلوم وغيرها من العلوم على يد مدرسين خصوصيين، ثم انصرف إلى المطالعة، ليكمل إتقانه للغة التركية، كما حصل من الفنون العصرية كالطبيعة والهندسة والجغرافية والتاريخ والفلك تحصيلا وافراً، ثمّ تعلم فن الخط العربي بأنواعه الثلاثة، على شيخه الشيخ محمد العريف في (المدرسة الشرفية)( )، كما أتقن بالممارسة معظم أنواعه بالإضافة إلى الخط العبري والرومي والأرمني.

بعد هذا التحصيل الجمّ من العلوم والفنون، انطلق المترجم له إلى العمل في ميادين العمل والعلم والثقافة، وتقلب في عدد من الوظائف ومنها:

1- محرر للمقاولات، سنة 1297 هـ.

2- مترجم في محكمة التجارة، سنة 1301 هـ.

3- خطيب جامع (أغليبك)، منذ سنة 1305 هـ.

4- رئيس كتاب محكمة التجارة، سنة 1308 هـ.

5- دعي إلى الآستانه، سنة: 1312 هـ، وطلب منه إنشاء جريدة تدعى (استقامات) واجتهد للتنصل من هذا التكليف، وعاد إلى موطنه.

6- رئيس كتاب محكمة التجارة مرة ثانية، سنة: 1314 هـ.

7- عضو هيئة تدقيق المؤلفات في نظارة المعارف، سنة: 1319 هـ.

8- انتخب نائباً عن مدينة حلب في مجلس النواب العثماني، سنة: 1326 هـ، وكان حينئذِ أحد أعضاء الحزب الحر المعتدل. 

9- عين نقيباً للأشراف في مدينة حلب، سنة: 1327هـ، وبقي حتى سنة: 1338هـ.

10- عين مديراً لأوقاف حلب، في 29 محرم سنة: 1337 هـ، إثر خروج الدولة العثمانية من حلب.

11- انتخب عضواً في المجمع العملي العربي في دمشق، سنة: 1342هـ، وكلف بتصحيح وتدقيق الكتب المطبوعة، وبيان ما فيها من الأغلاط، وهذا يدل على سعة علمه وتضلعه في اللغة والأدب.

12- اجتمع في سنة: 1340هـ مع جماعة من المفكرين، للتداول فيما يجب عمله إصلاحاً للحالة الوطنية، وقرروا مطالبهم التي كان لها الأثر الأكبر في توحيد البلاد، بعد أن مزقها المستعمر إلى دويلات مشتتة، وفي السنة نفسها انتخب عضوا للهيئة الإدارية لنقابة متولي الأوقاف.

13- عين كاتماً لأسرار الرئاسة في حكومة الاتحاد سنة: 1340هـ.

14- عين عضواً في محكمة التمييز في دمشق، وبقي فيها حتى انفضت هذه المحكمة سنة: 1347 هـ.

15- فعين قاضيا لمدينة حلب، فرفض هذا المصب، ولزم بيته متفرغا للعبادة وتلاوة القرآن والكتابة نثرا وشعراً حتى أدركته الوفاة. 

ترك المترجم له تفسيراً على القرآن الكريم مكتوباً بخطه على هامش المصحف الذي كان يقرأ فيه، ومولداً شريفاً سماه (المولد المسعودي)، طبع في بيروت سنة: 1336 هـ، وله نثر لطيف لا تكلف فيه، وخطب منبرية ذات موضوعات اجتماعية، لا سجع فيها، أما شعره فعذب سهل يفهمه عامة الناس، وهو مجموع في ديوانه، ومن ذلك قوله منتهجاً نهج الصوفية في أشعارهم:

افرحا لي ما ازداد شوقي أُوارا

كلّ حال ما ازددت فيه هياماً

حالتي في الغرام أعجب حال

رام غيري عمن أحبّ سُلوّاً

أنا أدعو لحبه كلّ فرد ٍ

عشق العاشقون ذاتاً رأوها

كلما ازددت في المحبة قرباً

فتمام الوصال يوم أُوارا

أنا منها أستغفر استغفارا

ليس بدعاً للعقل بي أن يَحارا

ورأيت السلوان عنه خسارا

وإذا ما سواي شارك غارا

وأنا اليوم أشهد الآثارا

زادني قُربُه جوىَ واستعارا

 

ومن شعره قصيدة يتذكر فيها مدينته حلب وأصحابه فيها:

بالله يا نشر الصبا

ولا تظنً أنني

لئن سلوت مرتع الظبـ

فإن في الشهباء لي

وقد علوا منزلة

والأتقياء الأصفياء

من كلً شهم فضله

يرى الفتى لديهم

عهدتهم أهل ودا

لله كم من ليلة

بلغ سلامي حلبا

سلوت هاتيك الربا

ـاء لا انسى الظبا

صحبا تساموا حسبا

في العلماء الأدبا

والشعراء الخطبا

عن أصله قد أعربا

من كلً ما قد رغبا

د صادق من الصبا

لنا تقضت طربا

 

دمث الأخلاق، صادق الحديث، تقي، ورع، آلف مألوف، محبوب من قبل كلّ من يراه، أو يتعامل معه، يحب جلساءه، ويؤنسهم، ويترفق بهم، ويكرمهم، يحب الخير للناس، ويعمل على خدمة أهله وبلاده، ويسعى لصاح وطنه ما وسعه ذلك.

مربوع القامة، حنطي اللون، نحيف الجسم، أسود العينين أزج الحاجبين 

ظل المترجم له على سلوكه وأخلاقه هذه، إلى إن وافته المنية، في منزله في دمشق، ليلة الجمعة، في الخامس عشر من ربيع الثاني، سنة: ثمان وأربعين وثلاثمئة وألف للهجرة، الموافق للتاسع عشر من شهر أيلول، عام: تسعة وعشرين وتسعمئة وألف للميلاد، بعد إصابته بنزيف دماغي، لبث بعده في حالة إغماء مدة أسبوع، ثمّ انتقل إلى جوار ربه، ودفن حسب وصيته في أقرب مقبرة من بيته، وهي مقبرة (نبي الله ذي الكفل) عليه السلام بجبل قاسيون. - رحمه الله -

المصادر والمراجع

1- إعلام النبلاء للشيخ محمد راغب الطباخ. 7/375 

2- أعلام الأدب والفن ج2 لأدهم الجندي.

3- أدباء حلب ذو الأثر في القرن التاسع عشر لقسطاكي حمصي.

4- التعليم الشرعي ومدارسه في حلب في القرن الرابع عشر للمؤلف.

5- تاريخ الإفتاء في حلب الشهباء للمؤلف. ص 231.

6- تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع عشر الهجري للحافظ وأباظة 1/441

7- علماء من حلب في القرن الرابع عشر للمؤلف، الجزء الأول ص. 11

8- معجم المؤلفين السوريين لعبد القادر عياش. 

9- مجلة المجمع العلمي العربي مج /10/44 ـ 50 

10- مع الشكر الجزيل للدكتور صلاح كزارة الذي أشار عليّ بهذه الترجمة، وزودني بصورة عنها من كتاب تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع عشر الهجري.