الأستاذ المربِّي محمود فاخوري

 

أستاذ الأساتذة، ومربي الأجيال، وفاعل الخير، وأستاذ علوم العربيَّة، كيفما مالت أغصان العربيّة يمل معها ليعدلها في مسارها، ما نسيت يوماً تلمذتي على يديه في مقررات: العروض والقافية والنحو والمكتبة العربية، وهو يحضُّني على تعلُّم العروض وبعد ذلك على تعليمها.... خمسة وعشرون عاماً فصلتني عن تلك المحاضرات، لكنَّني يوم رافقته في مجمع اللغة العربيَّة بدمشق عام 2008م وأنا آخذ بيديه وواضعاً يدي على كتفيه محبَّاً وتلميذاً وهو أبٌ وأخ وعزيز ما نسيت تلك اللحظات وأنا أعيشها بصدق المشاعر، وواقعيَّة الوفاء... نعم أتذكَّر نبرات صوته في المحاضرة ونبرة صوته الآن الآن.... أحسست بالبكاء فرحاً... إنّها لحظات الوفاء لك أستاذنا الحبيب أطال الله عمرك....

إنَّه علمٌ من أعلام العطاء والبحث والدراسة والتحقيق، علاّمة في علوم اللغة العربية، "محمود فاخوري".. أستاذ الأساتذة، ومرجع الأدباء، يَعُدُّ نفسه مسؤولاً عن أي كتاب يصدر، ومن واجبه أن يصحِّح أخطاءه النَّحوية، لا يتأخر عن تصويب الأخطاء، بل يأتي بنفسه إذا لم يأتِ إليه صاحب الحاجة، كأنَّ اللغة العربية حبيبته المصون التي يجب أن تبقى في أبهى حلّة لها. إنَّه مكتبة متحرِّكة نابضة بالحياة...أستاذنا المربِّي محمود فاخوري" لا يتعصب للقديم ولا يخاصم الحديث، بل يتَّصف نقده بالنقد العصري متماشياً مع الحداثة والجديد، وفضلاً عن هذا فهو سريع البديهة يتفهَّم الطرفة يضحك من القلب راقي التصرف يفي بوعده أو يعتذر.

.

 

هو محمود بن محمد فاخوري , وُلِدَ في مدينةِ أبي الفداء حماة عامَ 1933 ثلاثةٍ وثلاثينَ وتسعُمئةٍ وألف, حيثُ درَسَ المرحلةَ الابتدائيةَ والإعداديةَ تلك المدينة العظيمة التي أكسبته كثيراً في حياته، كثيراً من المواهب والتجارب والخبرات....

وفي عام 1950 عُيِّنَ مُعلماً في الحسكة ثم نُقِلَ إلى حماة موظفاً في مُديريةِ المعارفِ 

عام 1951 حَصَلَ على الثانويةِ العامةِ من حماة , ثم عَمِلَ في مديريةِ التَّربيةِ بحلب حتى 1954وتابعَ دراستَه الجامعيةَ في كليةِ الآدابِ قسمِ اللغةِ العربيةِ بجامعةِ دمشق إلى أن تخرَّجَ 1958 م. وفي عام 1975م حَصَلَ على درجةِ الماجستير بتقديرِ امتياز مِنَ الجامعةِ اللبنانيةِ .

عام 1959حصَلَ على دبلومٍ في التأهيلِ التربوي , ولمّا كان مِن الخريجينَ الأوائلَ , عُيِّنَ في حلبَ في دارِ المعلمات ثم في ثانويةِ هنانو ثم في ثانويةِ المأمون حتى 1967, ثم مديراً منتدباً في ثانويةِ الشهباءِ الخاصةِ , ثم عادَ إلى ثانويةِ المأمون.

عام 1974 نُدِبَ إلى جامعةِ حلب وبدأ التدريسَ فيها وفي جامعةِ تشرين حتى عام 1997 وبدأ العومَ في بحورِ الثقافةِ والأدبِ جامعةِ حلب بوابةِ العالم .

 لم تكنْ تصعبُ عليه أيٌّ من موادِ آدابِ اللغةِ العربيةِ البلاغةِ والنحوِ والصرفِ إلى الأدبِ الجاهلي فكانَ مدرِّساً ناجحاً مجتهداً مِعْطاءً لا يَبخلُ أو يَمنعُ عِلماً أو مَعرِفةً ,........, محبوباً من طلابِه وزملائِه , ....., تَقَاعَد عام 1993 بعدَ أربعينَ عاماً من العَطاءِ المهَني مُدرِّساً أباً وموجِّهاً , ....وكانَ يُعتبَرُ برُتبةِ أستاذ دكتور لماله من خِبرةٍ وأبحاثٍ ودراسات.

 

وعن مؤلفاته يقول الأستاذ فاخوري: «لي مشاركات في إعداد بعض الكتب المدرسية في سورية وخارجها وأعمال أخرى تنتظر النشر، ولي أيضاً ثلاثة وثلاثون كتاباً مطبوعاً منذ عام 1963 وحتى اليوم ما بين تأليف وتحقيق، من أهمها:

1-المعين في الأدب العربي الحديث- حلب 1963.

2-المعين في النحو والصرف- حلب 1963.

3-المعين في الدراسة الأدبية- حلب 1964.

4-المنهل من علوم العربية- بيروت 1968.

5-الموسيقي الأعمى- دمشق 1969.

6-سفينة الشعراء في علم العروض وعلم القوافي والأوزان المحدثة- حلب 1970- ط2 -1990.

7-صفوة الصفوة لابن الجوزي- القاهرة 1973.

8-مسلم بن الحجاج القشيري- بيروت 1979.

9-دروس في اللغة العربية- حلب 1979.

10-الأغراض الشعرية عند الأخطل- حلب 1979.

11-منتخبات من نصوص قديمة- حلب 1981.

12-موسيقى الشعر العربي- حلب 1981.

13-في الأدب العثماني- حلب 1981.

14-سيرة ابن سينا- حلب 1982.

15--أبو محجن الثقفي- حياته وشعره- حلب 1982- ط2 1988.

16-دروس ونصوص في اللغة العربية وآدابها- حلب 1982.

17-مصادر التراث والبحث في المكتبة العربية- حلب 1989.

18-مهاجر في زمن الورد.

19-خواطر مرحة.

20-المغرب (معجم لغوي) للمطرزي- حلب 1979.

21-خريدة العجائب، لابن الجوزي- بيروت 1992.

22-روض الأخيار، لابن الخطيب- الأماسي- بيروت 2000.

23--موسوعة وحدات القياس العربية والإسلامية وما يعادلها بالمقادير الحديثة: ألفته أنا وزميلي المرحوم "صلاح الدين خوام"، وطبع في بيروت 2002، ونشرته مكتبة لبنان، وهو يضم نحو أربعمائة مادة في 500 صفحة، وهو أول موسوعة ضخمة وشاملة لمقاييس الطول والوزن والمساحة والكيل كالذراع والأوقية والقنطار والصاع وتحويل هذه الوحدات كلها إلى ما يعادلها من المقادير الحديثة كالمتر والكيلو غرام إلى آخره.

24-روض الأخيار: لابن الخطيب الأماسي- تحقيق دار القلم بحلب 2003.

25-فن التعبير بالعربية المعاصرة: ألفته مع "فائزة القاسم" و"جورج بوهاس"، وطبع في باريس سنة 2005.

26-عيون الأخبار وفنون الآثار (السبع السادس) لإدريس بن الحسن الأنف، وقد حققته بالاشتراك مع "محمد كمال" ونشره المعهد الفرنسي للشرق الأدنى بدمشق سنة 2007.وكان آخر عهدي به عام 2008م  في مؤتمر مجمع اللغة العربية بدمشق  وكان النسيان  قد بدأ يظهر عليه لذلك لازمته ثلاثة أيام في كل جلسات المجمع.... رحم الله أستاذنا وأسكنه فسيح جناته..