وقفات اجتماعية
من حياة والدي – رحمه الله –
(3)
كان الوالد – رحمه الله – يحب مساعدة كل صاحب حاجة ، في نيسان 1935 كان مديرا" لأوقاف المعرة ، ثم انتقل إلى أوقاف حلب عام 1938، وفي عام 1963 انتقل عمله من دائرة أوقاف حلب ، إلى دائرة الأفتاء والتدريس الديني ، خلال عمله في دائرة الأوقاف ، كل إنسان يقصده للمساعدة في الحصول على دار للسكن أو دكان للعمل ، أوعلى وظيفة دينية كإمام أو مؤذن أو خادم في مسجد ، كان يسعى أمامه ، باذلا" كل جهده شعاره قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الخلق كلهم عيال أحبهم إلى الله أنفعهم لعياله)وكان يسأل الأجر من الله (من جاء بالحسنة فله خيرا" منها ) .
ذكرلي عالمان فاضلان بدأا في دراسة العلم الشرعي في المدرسة الشرعية في جامع الكلتاوية أسسها شيخ العلماء الشيخ محمد النبهان - رحمه الله – وقد بلغ كل واحد منهما مبلغا" كبيرا" في العلم الشرعي وفي خدمة الإسلام ، قال الأول:كان أبي عاملا" وعلى معرفة بأبيك ، أحب أبي أن يدرسني العلم الشرعي في مدرسة الكلتاوية ، قدم لي الأوراق إلى إدارة المدرسة ، خاف أبي أن ترفضني الإدارة ، وتبعدني عن رغبته ، فجاء والدي لعند أبيك ، راجيا" منه أن يتكلم مع صديقه الشيخ محمد النبهان حتى أكون مقبولا" عنده في المدرسة ، لبى والدك طلب أبي وتكلم مع الشيخ محمد النبهان رحمهم الله جميعا" .
قال الثاني : انتسبت إلى المدرسة الشرعية في الكلتاوية ، كنت الولد الوحيد عند أبي وكان متعلقا" بي ، كان نظام المدرسة ينص على أن الطالب يقيم في المدرسة ، ويذهب عند أهله في المناسبات ، ذهب والدي عند والدك ، وطلب منه أن يتكلم مع صديقه الشيخ محمد النبهان حتى يسمح لي بقضاء عطلة نهاية الأسبوع عند أهلي وأعود مساء الجمعة إلى المدرسة ، وتحقق لي ماتمناه أبي .
عندما كنت واقفا" في عزاء والدي في مدرسة الشعبانية ، تقدم إلي شخص معزيا" ، لا أعرفه ، ترحم على والدي ، وقص لي هذه القصة ، جاء رجل ملهوف إلى المدرسة الشعبانية يطلب رؤية الشيخ محمد زين العابدين الجذبة ، عندما رأى الرجل الشيخ ، قال له : إن ابنتي متزوجة وهي عندي في البيت منذ فترة طويلة وزوجها لا يريد إرجاعها إلى بيتها ، وجدت وساطات كثيرة والزوج مصر على رأيه ، وهناك من دلني عليك لتساعدني في عودة ابنتي إلى زوجها ، سأل والدك الرجل :من زوج ابنتك ؟ ذكر له الرجل اسمه وبين أنه طالب في المدرسة الشعبانية ، طلب والدك الزوج ، وعندما حضر طلب منه بلسان أبوي ممزوج بالمحبة ، أن يذهب إلى بيت أهل زوجته حتى يعيد الزوجة إلى بيتها ، فخجل طالب العلم أمام شيخه ، أبدى موافقته على طلب شيخه ، في اليوم الثاني جاء الرجل إلى المدرسة الشعبانية ليشكر الشيخ فقد رجعت ابنته إلى بيتها .
كان الوالد – رحمه الله – يحزن حزنا" شديدا" عندما يتوفى عالم ديني ، كان يدرك أن الخسارة كبيرة بعلماء عاملين مخلصين .
الصور الاجتماعية من حياة الوالد كثيرة جدا" ، حياة مليئة بالعمل مع كل حلقات المجتمع وكل فئاته ، وكانت الأيام تزيده همة ونشاطا"، ويعطي دروسه لمن حوله بعلمه، أتمنى من تلامذته ومحبيه أن يسجلوا ذكرياتهم مما لمسوه من عمل الوالد .
للاطلاع على الحلقة السابقة هنا
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول